فرضا ، أو لا فيكون عدولا عن فرض الكفاية إلى فرض العين ، بناءا على مذاقهم في الفرق بينهما بنحو ما سبق.
إلاّ أن يقال : بأنّه من باب المقتضي للسقوط لا العلة التامّة ، فقد يصادف فقدان شرط وقد يصادف وجود مانع ، فعدم حصوله فعلا لا ينافي كون الفرض فرض كفاية ، وهو مع أنّه تكلّف لا ينبغي ارتكابه في أمثال المقام ممّا لا شاهد عليه من العقل والنقل ، بل الشواهد قائمة بخلافه كما لا يخفى على المتأمّل.
وسادسها : أنّ الكفائي باعتبار سقوطه بفعل غير المكلّف وعدمه على أنواع :
منها : ما لا يسقط بفعل غير المكلّف من صبيّ أو مجنون كصلاة الأموات وتغسيلهم.
ومنها : ما يسقط بفعل غيره كمواراتهم وتطهير المسجد وإنقاذ الغريق ونحوه.
ومنها : ما هو محلّ شكّ كردّ السلام إذا حصل من أحد الفريقين ، فالأوّلان ممّا لا إشكال فيهما ، كما أنّه لا إشكال في أنّ الأصل في الأخير هو عدم السقوط لاستصحاب الأمر واستدعاء الشغل اليقيني لليقين بالبراءة ، وإنّما الإشكال في منشأ هذا الاختلاف والعلّة الداعية إلى سقوط الفرض عن المكلّف بفعل الصبيّ والمجنون في بعض الموارد وعدم سقوطه في بعضها الآخر.
ويمكن أن يقال في ذلك : بأنّه إنّما نشأ عن اختلاف الحكم الداعية إلى الأمر الكفائي في كونها ممّا يتأدّى بفعل الصبيّ والمجنون كما في القسم الثاني وعدمه كما في القسم الأوّل ، فإنّ صلاة الأموات إنّما شرّعت احتراما لهم ولا ريب أنّ أفعال الصبيّ والمجنون ممّا لا اعتداد بها في نظر العرف والعقل ولا تعدّ إكراما في محلّ الإكرام ، ولذا لا تتّصف بحسن ولا قبح ، بل ربّما أوجب ايثارها للإكرام إهانة واستهزاء ، كما لو أرسل الأمير صبيانا إلى استقبال من يجب عليه إكرامه ، فالشكّ في القسم الثالث إنّما هو من جهة تردّد الحكمة بين القسمين المذكورين ، أو يقال : بأنّه إنّما نشأ ممّا هو من طوارئ الواجب وهو اعتبار قصد القربة في صحّته وعدمه ، نظرا إلى أنّ القربة عبارة عن أداء المأمور به بعنوان الاطاعة وامتثال الأمر فلا يتأتّى قصدها إلاّ ممّن وجب عليه الاطاعة وتعلّق به الأمر ، والصبيّ والمجنون خارجان عن هذا العنوان ، فالشكّ في محلّه حينئذ إنّما هو من جهة الشكّ في اعتبار قصد القربة وعدمه كما في ردّ السلام.
أو يقال : بأنّ ذلك إنّما نشأ عن كون فعلهما موجبا لارتفاع ذات الموضوع وعدمه ، ففي