والسقوط إنّما هو ـ بالتخفيف ـ ففي غاية الوهن ونهاية الفساد ، مع عدم انطباقه بشيء من الأقوال المتقدّمة في أصل المسألة ، كيف وأنّ ما يترتّب على واجبات الأفعال أو مندوباتها إنّما هو من توابع الوصف العنواني الوجوبي أو الندبي.
ومن البيّن أنّ التابع لا يثبت إلاّ بعد إحراز متبوعه والكلام إنّما هو في إحراز المتبوع ، ومع ذلك فلو اريد بالاستدلال بزيادة ثواب الفرض استدلالا على طريق اللم فهو مع كونه استحسانا واضح المنع ، لأنّ العلّة الداعية إلى طروّ الوصفين في لحاظ الشارع إنّما هو رجحان الأفعال على اختلاف مراتبه ، فإذا بلغ الرجحان حدّا صار ملزما كان ما نشأ منه من الإلزام كافيا في ترغيب الفاعل ولا حاجة معه إلى الزيادة في الثواب ، وإلاّ فالحكمة تقتضي لأن يجعل الثواب زائدا ترغيبا للفاعل ، فزيادة الثواب حينئذ من لوازم النفل على ما يقتضيه الحكمة ، فكيف يستدلّ بها على نقضيه وهو الفرض.
ولو اريد به ما يكون استدلالا على طريق الإنّ فهو فرع ثبوت كون العمل بعد حصوله ممّن قام به الكفاية ممّا يترتّب عليه ثواب حتّى ينظر في تضمنه لما هو من لوازم الفرض وهو الزيادة ـ بناء على تسليمه ـ أو هو من لوازم النفل وهو النقصان ، ثمّ يستدلّ على الأوّل بكونه ممّا له مدخل في ترغيب الفاعل ، وهو كما ترى موضع منع ، بل الّذي يبني على عدم الوجوب يجعل العقاب مكان الثواب من جهة التشريع إن لم يبلغه عموما أو خصوصا دليل النفل ، كيف وأنّ الاستدلال على هذا التقدير إنّما يستقيم إذا ثبت أصل الرجحان ودار بين كونه في ضمن النفل أو في ضمن الفرض وهو على إطلاقه ممنوع.
وأمّا في الوجه الثاني من أنّ السقوط إنّما هو للتخفيف فلا يعقل معناه بعد ملاحظة الكلام المتقدّم في جهته ، من أنّه إمّا من جهة أداء الفرض أو ارتفاع موضوعه والتخفيف ممّا لا مدخل له في شيء منهما ، بل لا يصلح في الحكمة كونه من المقتضيات ، لأنّ موضوع الفرض إن كان باقيا مع عدم حصول أدائه في الخارج فالتخفيف ممتنع لمنافاته حكمة الإيجاب ، وإلاّ فالسالبة بانتفاء الموضوع أو بارتفاع الحكمة ، ولو سلّم أنّ التخفيف أيضا ممّا يصلح لذلك فمحلّه إمّا قبل قيام من قام به الكفاية أو بعده ، ولا سبيل إلى شيء منهما.
أمّا الأوّل : فلأنّ أصحاب القول بتعلّق الفرض بالجميع لا يقولون بالسقوط هنا بل هو ممّا لا يقول به أحد من الأقوال.
وأمّا الثاني : فلأنّ التخفيف حينئذ إمّا أن يكون لازم الحصول فيخرج العمل عن كونه