اعادة المعدوم لا يتصوّر لزومها إلاّ فيما لو حصل الأداء من الأكثر تدريجا ، فيقال حينئذ لمن أراد الامتثال بها متأخّرا أنّ الامتثال فرع الأمر الّذي لا بدّ له من موضوع ، فإن أردت امتثاله في الماهيّة الحاصلة سابقا فلا يعقل إلاّ على تقدير إعادة تلك الماهيّة وهو محال لصيرورتها منعدمة ، وإن أردت امتثاله في ماهيّة اخرى لاحقة لها فلا يعقل إلاّ إذا ثبت الأمر بها ، وهو مبنيّ على ورود أمر آخر وكون الأمر الأوّل مفيدا للتكرار ، وكلاهما خلاف الفرض.
وإلى ذلك ينزّل قولهم في نظائر المقام بأنّه : « لا معنى للامتثال عقيب الامتثال » وهذا المعنى كما ترى لا يجري في محلّ الكلام أصلا ، لعدم ابتناء حصول الامتثال من كلّ واحد حين إقدامهم على العمل في آن واحد على اعادة المعدوم ، ولا على ورود الأمر الآخر ، ولا على افادة الأمر الأوّل للتكرار ، فلا مانع من جواز إقدام الكلّ على العمل على سبيل الدفعة.
نعم يشكل الحال في ذلك على القول بتعلّق الأمر الكفائي بالكلّ على سبيل البدليّة كما عليه بعض الأفاضل وغيره ، لأنّ قضيّة البدليّة كون المأمور به فعلا واحدا والإقدام من الجميع يستلزم تعدّد الأفعال الواقعة دفعة ، وهو مناف لمقتضى الأمر فلا دليل على مشروعيّته.
وأمّا ما أفاده الفاضل المشار إليه في منع ذلك من أنّ الأمر الكفائي قد تعلّق بمطلق الطبيعة كغيره من الواجبات ، فالقول بأنّ الواجب هو المرّة ممّا لا وجه له فواضح الفساد ، لأنّ المرّة الّتي لا وجه للالتزام بها ما لو استفيدت عن الأمر على حسب دلالته الوضعيّة ، نظرا إلى أنّ المحقّق في محلّه كونه موضوعا لطلب الماهيّة دون المرّة والتكرار.
وأمّا إذا قامت قرينة من الخارج على اعتبارها في مقام فلا مجال من الالتزام بها ، وهي في المقام من مقتضيات البدليّة الّتي التزمت باعتبارها في الواجب الكفائي ، بناء على أنّ المراد بها هنا البدليّة في الفاعل وهي تستلزم البدليّة في الفعل ، ومعنى البدليّة في الفعل هنا كون المطلوب بالأمر حصول العمل من فاعل حال عدم حصوله من غيره وحصوله من ذلك الغير حال عدم حصوله من الأوّل ، ولا يعقل في مثل ذلك إلاّ كون المطلوب بالأمر هو المرّة.
ولا ريب أنّ إقدام الجميع عليه على سبيل الدفعة ينافي ذلك ، بناء على أنّ المراد بالمرّة هو الفرد ـ كما هو الأظهر على ما قرّرناه في محلّه ـ لا الدفعة الواحدة ، وظنّي أنّ هذا الكلام المبتني على الخبط العظيم إنّما نشأ عن ذلك الفاضل الملتزم بالبدليّة في المقام بملاحظة إجماعهم فتوى وعملا على جواز المباشرة في الكفائي من الكلّ في آن واحد بنيّة الوجوب من كلّ ، لعجزه عن دفعه ، وهذا من أقوى الشواهد القائمة ببطلان مذهبه كما