وثانيها : ما يصلح لمباشرة واحد أو متعدّد مع عدم صلوحه إلاّ الوحدة كإزالة النجاسة من المسجد وإنقاذ الغريق وإطفاء الحريق ونحو ذلك من أنواع حفظ النفس المحترمة ، فإنّ كلّ واحد من ذلك صالح لمباشرة الواحد والمتعدّد ، سواء كان في موضع عدم كفاية الواحد أو في موضع كفايته ، غير أنّ ما يبرز في الخارج على تقدير حصوله من المتعدّد لا يعدّ إلاّ فعلا واحدا ، وهو أيضا ممّا لا ينبغي النظر في عدم اتّصاف ما يصدر من كلّ واحد بالوجوب من جهة أنّ التكليف إنّما يتعلّق بالعمل التامّ وما صدر من كلّ على فرض الاجتماع ليس بنفسه عملا تامّا ، بل العمل التامّ إنّما هو مجموع ما حصل من المجموع ، وأمّا جواز الاجتماع هنا وإن كان قابلا للتكلّم غير أنّ حكمه يعلم ممّا يقرّر فيما بعد ذلك.
وثالثها : ما يصلح للوحدة والتعدّد مع صلوحه للوحدة والتعدّد مع صلوحه لمباشرة واحد ومتعدّد كصلاة الميّت وردّ السلام ونحوه ، فهذا هو محلّ الكلام وظاهر أنّ قضيّة قولنا « بتعلّق الوجوب بكلّ واحد » جواز إقدام الكلّ أو أكثر على أدائه ، وعلى تقدير حصوله من أكثر فكلّ واحد يقع على وصف الوجوب.
أمّا الثاني : فلحصول الجميع حال بقاء الوجوب المتعلّق بالجميع فلا مجال إلى إنكار وصف الوجوب في شيء من ذلك.
وأمّا الأوّل : فلأنّ المأمور به في الحقيقة هو الماهيّة وجواز الإتيان بها من مقتضيات الأمر لأنّه جنس له ، والمفروض أنّ الأمر بها متعلّق بكلّ واحد ، فيكون الأداء من كلّ واحد إتيانا بما تعلّق به المقتضي للجواز ، ومعه لا مجال للتشكيك في الجواز ، وإلاّ لزم مفارقة النوع عن الجنس أو ما هو بمنزلته وهو محال.
نعم لو أراد واحد منهم أو أكثر الإتيان بها بعد حصول أدائها من الغير فليس له ذلك ، لفقد ما يقتضي ذلك من جهة ارتفاع الأمر بحصول المأمور به في الخارج قبله فيندرج تحت قاعدة البدعة فيكون حراما.
فإن قلت : الجواز كما أنّه يحتاج إلى وجود المقتضي كذلك يحتاج إلى فقد المانع ، وما ذكر من الوجه لإحرازه إنّما يجدي في إحراز المقتضي ، وهو غير كاف لمصادفة ذلك المقتضي لوجود المانع وهو لزوم تحصيل الحاصل ، إذ المفروض أنّ الماهيّة المأمور بها تتأدّى بفعل واحد فالإقدام على إيجادها ممّن زاد عليه تحصيل للحاصل وهو محال.
قلت : استحالة تحصيل الحاصل إنّما تنشأ من استحالة إعادة المعدوم ، ولا ريب أنّ