والجواب عن الأوّل : ظاهر ممّا حقّقه السيّد رحمهالله ، إذ ليس نزاعنا في مطلق شرط الوقوع ، وإنّما هو في الشرط الّذي يتوقّف عليه تمكّن المكلّف شرعا وقدرته على امتثال الأمر. وليست الإرادة منه قطعا* (١) ، والملازمة إنّما تتمّ بتقدير كونها منه. وحينئذ فتوجّه المنع عليها جليّ.
وعن الثاني المنع من بطلان اللازم** (٢). وادّعاء الضرورة فيه مكابرة وبهتان وقد ذكر السيّد رضى الله عنه في تتمّة تنقيح المقام ما يتّضح به سند هذا المنع ؛ فقال :
___________________________________
حصول الأثر.
وقد روي أنّه عليهالسلام (١) أمرّ السكّين بقوّته على حلقه مرارا ولمّا وجده لا يقطع فغضب عليه وألقاه على وجه الأرض.
وفي رواية أنّه قد ذبح لكن كلّما قطع التحم فإنّ الأوّل ينبئ عن انتفاء القابليّة كما أنّ الثاني يشعر بوجود المانع عن حصول الأثر وهو الالتحام ، ويمكن كون الأوّل أيضا من هذا الباب لمكان حجزه تعالى عن تأثير السكّين وإلاّ كان المحلّ في نفسه قابلا له ، وعلى كلّ تقدير فالمأمور به كان فاقدا لما هو من شرائط الوقوع.
(١) * وحاصله : أنّ الإرادة وإن كانت من شروط الوقوع ولكنّها مقدورة للمكلّف ، فانتفاؤها لا يوجب خروج المأمور به عن المقدوريّة ، لبقاء القدرة على إيجادها في وقت الامتثال ، فلا نزاع لنا في صحّة الأمر به مع انتفائها ، وإنّما النزاع فيما أوجب انتفاء الشرط خروج عن المقدوريّة ، وهو في الشروط الغير المقدورة للمكلّف كعدم الحيض والحياة والعقل والقدرة وعدم المانع العقلي والشرعي ، ففي مثل هذه الشروط نقول باشتراط الوجوب أيضا بوجودها ويلزم منه عدم صحّة الأمر مع انتفائها ، وإن فرض البحث في إرادة الله سبحانه وهي كالشروط المذكورة غير مقدورة للمكلّف كما يقتضيه عبارة الحاجبي ، فيدفعه : منع كونها من شروط وقوع الفعل من العبد ، لابتنائه على الأصل الفاسد وهو الجبر فيبطل الفرض بكلّ ما أبطل هذا الأصل من البراهين العقليّة والنقليّة.
(٢) ** والأولى أن يردّد الجواب ويقال : بأنّه إن اريد بالعلم ما يكون عقليّا فبطلان اللازم
__________________
(١) المبسوط للسرخسي ٨ : ١٤٠ ، كنز الدقائق ١١ : ١٥٩ وأنوار التنزيل ٢ : ٢٩٧.