« وهذا نذهب إلى أنّه لا يعلم بأنّه مأمور إلاّ بعد تقضّي الوقت وخروجه ، فيعلم أنّه لا يعلم بأنّه مأمور بالفعل إلاّ بعد تقضّي الوقت وخروجه ، فيعلم أنّه كان مأمورا به. وليس يجب ، إذا لم يعلم قطعا أنّه مأمور ، أن يسقط عنه وجوب التحرّز. لأنّه إذا جاء وقت الفعل ، وهو صحيح سليم ، وهذه أمارة يغلب معها الظنّ ببقائه ، فوجب أن يتحرّز من ترك الفعل والتقصير فيه. ولا يتحرّز من ذلك إلاّ بالشروع في الفعل والابتداء به. ولذلك مثال في العقل ، وهو أنّ المشاهد للسّبع من بعد ، مع تجويزه أن يخترم السّبع قبل أن يصل إليه ، يلزمه التحرّز منه ، لما ذكرناه ، ولا يجب إذا لزمه التحرّز أن يكون عالما ببقاء السّبع وتمكّنه من الإضرار به ».
وهذا الكلام جيّد ، ما عليه في توجيه المنع من مزيد. وبه يظهر الجواب عن استدلال بعضهم على حصول العلم بالتكليف قبل الفعل ، بانعقاد الإجماع على وجوب الشروع فيه بنيّة الفرض ، إذا يكفي في وجوب نيّة الفرض غلبة الظنّ بالبقاء والتمكّن ، حيث لا سبيل إلى القطع ، فلا دلالة له على حصول العلم.
___________________________________
ممنوع ، إذ لا دليل من عقل ولا نقل على لزوم العلم في تنجّز التكليف ، وإن اريد به العلم الشرعي من ظنّ أو استصحاب فالملازمة ممنوعة ، لوضوح أنّ ظنّ سلامة العاقبة وبقاء التمكّن والاختيار من جهة الغلبة والعادة مضافا إلى استصحاب الحالة المتيقّنة دائم الحصول لكلّ أحد ، وهو كاف في تنجّز التكليف إلى أن ينكشف [ الخلاف ] بإجماع العلماء بل ضرورة الدين ، بل مدار جميع العقلاء في امور معاشهم ومعادهم على ظنّ السلامة واستصحاب البقاء وأصالة عدم طروّ العذر والمانع.
ولقد أجاد السيّد في تقرير ما ذكرناه فيما حكاه المصنّف وقال : « إنّه ليس يجب إذا لم يعلم قطعا أنّه مأمور أن يسقط عنه وجوب التحرّز ، لأنّه إذا جاء وقت الفعل وهو صحيح سليم فهذه أمارة يغلب معها الظنّ ببقائه ، فوجب أن يتحرّز من ترك الفعل والتقصير فيه ، ولا يتحرّز من ذلك إلاّ بالشروع في الفعل والابتداء به » إلى آخر ما ذكره.