عن مفروض المقام بل عن محلّ النزاع ، إذ القائل بالحجّيّة أيضا في مثل هذه الصورة لا يقول بالانتفاء.
ومع الغضّ عن ذلك فأيّ تعلّق لهذا الكلام بما تقدّم من القول باختصاص ظهور الثمرة بين القولين بما كان المفهوم مخالفا للأصل كما في المثال المذكور؟ إذ مرجع هذا القول إلى أنّ ما يتحصّل على القول بعدم الحجّيّة نتيجة تخالف النتيجة الحاصلة على القول بالحجّيّة ، والحال في المثال كذلك إذ القائل بالحجّيّة يبني على الحرمة أو الوجوب والقائل بعدمها يبني على الإباحة أو عدم الوجوب ولو من غير جهة الأصل وهما متخالفان ، بخلاف ما لو كان المفهوم موافقا للأصل فإنّ النتيجة واحدة على القولين ، فتأمّل.
المقدّمة الرابعة
في تأسيس أصل يرجع إليه عند فقد الدليل على أحد القولين في المسألة.
فنقول : إنّ الاصول المتصوّرة في المقام على أنحاء :
منها : ما يرجع إلى حال المكلّف ، وهو أصالة البراءة النافية للتكليف الإلزامي إيجابا أو تحريما عند الشكّ في حكم المسكوت عنه ، وهذا الأصل قد يساعد على القول بالحجّيّة ، كما لو كان المفهوم على فرض ثبوته موافقا للأصل كقوله : « إن جاءك زيد فأكرمه » وقد يساعد على القول بنفيها كما لو كان المفهوم على تقدير ثبوته مخالفا للأصل كقوله : « إن جاءك زيد فيباح إكرامه أو لا يجب إكرامه ».
ومنها : ما يرجع إلى حال الواقعة أعني الجزاء ، وهو أصالة عدم تعدّد أسباب وجوده ، فإنّه بعد الالتزام بسببيّة الشرط ـ أخذا بدلالة القضيّة الشرطيّة على سببيّة الشرط له الّتي مرجعها إلى التلازم بينهما في الوجود ـ يشكّ في أنّه هل جعل له سبب آخر أم لا؟ والأصل عدمه ، ومرجعه إلى انحصار السبب في الشرط ، ويلزم منه التلازم بينهما في العدم أيضا ، فهذا الأصل يساعد على القول بالحجّيّة مطلقا.
ومنها : ما يرجع إلى حال الجملة الشرطيّة باعتبار لحاظ الوضع ، وهو أصالة عدم التفات الواضع حينما التفت إلى الوجود عند الوجود وأخذه في الوضع إلى الانتفاء عند الانتفاء ، وعدم تعرّضه لأخذه جزءا أو قيدا للموضوع له ليكون مدلولا عليه للّفظ تضمّنا ، بدعوى : وضع الجملة لمجموع الوجود عند الوجود والانتفاء عند الانتفاء أو التزاما بدعوى وضعها للوجود عند الوجود مقيّدا بالانتفاء عند الانتفاء على وجه دخول التقيّد وخروج