وجود مضمون الأوّل ، فيكون الالتزام لفظيّا وضعيّا باللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ لا غير ، لوضوح لزوم تصوّر الثاني من تصوّر الأوّل.
ولما كان مرجع الكلام في إثبات التلازم المذكور إلى البحث عن حجّيّة مفهوم الشرط ففي تحقيقه مزيد بحث وزيادة كلام يأتي في أصل المسألة إن شاء الله ، فليكن ما قرّرناه هنا على ذكر منك حتّى يلحقك تمام الكلام في محلّه.
المقدمة الثالثة
ذكر جماعة منهم السيّدان السندان بحر العلوم في فوائده وصهره في مفاتيحه إنّ ثمرة النزاع تظهر في المفهوم المخالف للأصل لا الموافق له.
قال في الفوائد : « إنّ ثمرة الخلاف تظهر فيما إذا كان حكم المفهوم مخالفا للأصل ، وأمّا مع موافقته له فأصل الحكم ثابت وإن تعدّد المدرك على القول بالحجّيّة ، واتّحد على القول بعدمها ».
وقال في المفاتيح : « ويظهر ثمرة الخلاف في مواضع :
منها : ما لو كان الحكم المذكور في المنطوق موافقا للأصل ، نحو « إن لم تكن مستطيعا فلا يجب عليك الحجّ » و « إن لم تسرق فلست بضامن » و « إن بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » فإنّ القائل بالحجّيّة يثبت بها حكما مخالفا للأصل وهو « وجوب الحجّ » و « تحقّق الضمان » و « النجاسة » عند الاستطاعة والسرقة وعدم بلوغ الماء قدر كرّ ، والقائل بالعدم لا يثبت ذلك بل يتمسّك بالأصل في غير المنطوق ويسوّى بينه وبين غيره.
ومنها : ما لو ذكر حكما مخالفا للأصل على سبيل العموم نحو : « أكرم العلماء » ثمّ علّقه على أمر بكلمة « إن » نحو : « أكرم العلماء إن كانوا طوّالا » وعلمنا باتّحاد التكليف ، فإنّ المانع من الدلالة لا يخصّص العامّ والمثبت لها يخصّصه نظرا إليها ، وأمّا لو أطلق حكما مخالفا للأصل ثمّ علّقه كذلك نحو : « أعتق رقبة » و « أعتق رقبة إن كانت مؤمنة » فلا يظهر فيه ثمرة للمسألة ، لأنّ اللازم حينئذ حمل المطلق على المقيّد اتّفاقا.
اللهمّ إلاّ أن يكون الحكم وضعيّا نحو : « الماء طاهر » و « إن كان الماء قدر كرّ فهو طاهر » فتفرّع على المسألة.
وكذا لا يظهر الثمرة فيما إذا علّق ابتداء بكلمة « إن » نحو : « إن جاءك فأكرمه » فإنّ اللازم الحكم في غير المنطوق بما يقتضيه الأصل وهو الّذي يقول به القائل بالدلالة.