نعم القائل بها يجعل ذلك خطابا شرعيّا والقائل بالعدم يجعله حكما عقليّا وليس في هذا كثير ثمرة ».
ومن الأعلام من أورد عليه بكمال وضوح الثمرة والفائدة في الموافق للأصل أيضا ، لأنّ المدّعي للحجّيّة يقول : بأنّ هاهنا حكمين من الشارع فلا يحتاج إلى الاجتهاد في طلب حكم المسكوت كما أنّ المنكر يحتاج ، وكونه موافقا للأصل لا يكفي إلاّ بعد استفراغ الوسع في تحصيل الظنّ بعدم الدليل كما سيأتي في محلّه.
وأيضا الأصل لا يعارض الدليل ولكنّ الدليلين يتعارضان ويحتاج المقام إلى الترجيح ، فإذا اتّفق ورود دليل آخر على خلاف المفهوم فيعمل عليه من دون تأمّل على القول بعدم الحجّية ، ويقع التعارض بينه وبين المفهوم على القول بالحجّيّة وربّما يرجّح المفهوم على مناطيق إذا كان أقوى ، فضلا عن منطوق واحد.
ومن الفضلاء من أورد عليه أيضا : بأنّ المفهوم الّذي نقول بحجّيّته لا فرق فيه بين أن يكون موافقا للأصل أو مخالفا له ، مع أنّ الثمرة تظهر في الموافق عند التعارض.
ومن مشايخنا من أورد عليه أيضا : بأنّا وإن لم نقل بإفادة القضيّة الشرطيّة المفهوم بوجه من الوجوه ، إلاّ أنّها تفيد أنّ الجزاء فيها لا يشمله لباس الوجود إلاّ بواسطة سبب ، فوجوده في نفسه مخالف للأصل ما لم يوجد له سبب ، فقولك : « إن جاءك زيد فيباح إكرامه ، أو لا يجب إكرامه » مثلا إنّما يفيدان إباحة إكرامه أو عدم وجوب إكرامه مستندا إلى سبب وهو مجيئه ، ولازمه أن لا يوجد الإباحة المذكورة ولا عدم الوجوب المذكور إلاّ بسبب ، وأنّهما ليسا باقيين على مقتضى الأصل الأوّلي ، فحينئذ لا يتفاوت الحال بين القولين في الثمرة الّتي ذكروها.
أقول : وكأنّه نقض لما ذكره الجماعة من عدم ظهور ثمرة للقولين في المفهوم الموافق بما سلّموا من ظهورها في المخالف للأصل بطريق المعارضة ، ومبناها على أنّ إنكار حجّيّة المفهوم في الجملة الشرطيّة راجع إلى منع دلالتها على التلازم بين الشرط والجزاء في العدم كما تقدّم.
وأمّا دلالتها على التلازم بينهما في الوجود فلا ينكره المنكرون للحجّيّة.
وعلى هذا فالجملة الشرطيّة باعتبار دلالتها على هذا التلازم أخرجت واقعة « إكرام زيد » على تقدير عدم مجيئه في المثالين عن تحت الأصل المقتضي للإباحة أو عدم