وهو المعتمد بملاحظة ما نرى من عمل بعضهم بالخلاف وفتواه بلزوم الفحص كما عرفت عن بعض الأعلام ، مضافا إلى شهادة القول المعروف بوجوب السعي في رؤية هلال رمضان.
ومنع اعتباره ثانيا ، لأنّ المسألة اجتهاديّة والإجماع إنّما يعتبر من حيث الكشف ، فيختصّ مورده بالتعبّديّات ولا يجري في الاجتهاديّات ، مضافا إلى أنّه على فرض ثبوته غير واضح المدرك ، بل القطع حاصل ـ بملاحظة ما قرّرناه ـ بابتنائه على الخطأ في الاجتهاد ، ومع الغضّ عن جميع ذلك فلعلّه ناش عن دليل تعبّدي بلغهم في ذلك وكلامنا في المقام إنّما هو في مقتضى القواعد الاصوليّة فلا ينافي ورود التعبّد الشرعي على خلافها ، فتأمّل جيّدا.
ثمّ بقي في المقام فروع ينبغي الإشارة إليها :
منها : أنّ ما سبق من البحث في وجوب الفحص إنّما هو على تقدير إمكانه مع إمكان حصول العلم بأحد الطرفين ولو في نظر المكلّف إذا كان راجيا لحصوله ، وأمّا مع التعذّر فإن كان العذر في أصل الفحص ـ بأن لا يتمكّن عن محاسبة ماله لإحراز الاستطاعة أو النصاب نفيا وإثباتا ، لعدم تمكّنه عن ماله أو لعدم مقوّم يقوّمه ـ فلا إشكال في سقوط التكليف به عقلا ، ضرورة امتناع التكليف بغير المقدور ولو كان غيريّا ، وإن كان العذر في حصول العلم مع تمكّنه عن الفحص ـ بأن يكون قاطعا بأنّه لا يحصل له العلم وإن بلغ فحصه ما بلغ ـ فهل يجب عليه الفحص أيضا أو لا؟ وجهان ، من كون وجوبه حيثما يثبت نفسيّا لمصلحة كامنة فيه لذاته ، أو غيريّا ناشئا عن وجوب غيره ، ولكن قضيّة ما قرّرناه من الوجوه على وجوبه كون الوجوب الثابت له غيريّا وإن أو هم ما عدا الوجهين الأخيرين بل ما عدا الوجه الثاني في بادئ النظر كونه نفسيّا ، لوضوح أنّ الوجوب الثابت هنا إنّما يثبت من باب المقدّمة وقد قرّرنا في محلّه أنّ الوجوب المقدّمي غيريّ تبعي ، ومن لوازم الوجوب الغيري أنّه لا يثبت إلاّ مع ثبوت وجوب الغير ، كما أنّ من خواصّ الوجوب المقدّمي أنّه لا يثبت لشيء إلاّ في موضع المقدميّة.
وظاهر أنّ ذا المقدّمة في الفرض المذكور لا وجوب له على تقدير ولا حاجة له إلى مقدّمة على آخر ، فإنّ وجوب الفحص على ما عرفت إمّا أن يكون للتوصّل إلى العلم أو لإحراز موضوع الأصل وهو التعذّر ، والعلم مع تعذّره لا يعقل وجوب له فلا يعقل الوجوب لمقدّمته ، لأنّ وجوبها مشروط بالقدرة على ذيها كما أنّه مشروط بالقدرة على نفسها ،