السالفة وأتباعهم من قريش وأمثالهم يكونون في القيامة من الضالّين أو في الدّنيا من المهلكين لأنفسهم بالمعاصي ، أو في كليهما خاسرين بالهلكة والضّلالة.
١٩ ـ (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ...) أي لكل واحد من الجنسين المذكورين : المؤمنين البررة ، والكافرين الفجرة ، مراتب متصاعدة في الجنّة ومنازل في النار. ودرجات أهل الجنّة أيضا مختلفة بعضها أعلى من بعض ، كما أن دركات أهل النار مختلفة. والتعبير بالدركات والدرجات من باب التغليب. واختلاف هذه وتلك ناشئ عن اختلاف الأعمال ومراتبها في كل واحد من الحسن والقبح والخير والشر فإنّ كلّا يعمل على شاكلته وعلى ما اقتضت طبيعته وذاته (وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ) اي جزاءها (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) في الجزاء بالنقص والزيادة.
٢٠ ـ (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ ...) أي تعرض النّار عليهم ، فقلبت مبالغة كقولهم (عرضت الناقة على الحوض) مع أن الأمر بالعكس. ومعنى الشريفة أنهم يعذّبون بها شديدا ويقال لهم بلسان الحال : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ) أي لذّاتكم قد استنفدتموها كاملة واستقصيتموها (فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) أي فاستوفيتموها باشتغالكم بها وصرف حياتكم فيها كأنكم خلقتم لها وهي لكم (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) أي فيه الهوان والذّل والخزي (بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) يعني باستكباركم عن الانقياد للحق (فِي الْأَرْضِ) أي في الدّنيا (بِغَيْرِ الْحَقِ) من دون حقّ لكم في الترفّع والإنكار (وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) أي بخروجكم عن الجادّة المستقيمة الشرعيّة وعن طاعة ربكم. ولمّا بيّن سبحانه أنواع الدّلائل في التوحيد والنبوّة وكان المشركون بسبب استغراقهم في لذات الدّنيا واشتغالهم بطلبها لم يلتفتوا إلى الدّلائل ، أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يذكّر المعاندين لرسالته بالقصة التالية ليعتبروا