الْأَيْدِ) أي صاحب القوّة والاقتدار والنّعم الكثيرة ، وذلك أنّه كان يبيت حول محرابه كلّ ليلة آلاف من الرجال يطعمون من إطعامه ويشتغلون بعبادة ربّهم إلى الصباح. ولعلّ هذا الوجه أحسن الوجوه وأوجهها بالنسبة إلى ذكر اليد كما لا يخفى ، ومع ذلك ما أنسي ربّه ، بل (إِنَّهُ أَوَّابٌ) أي رجّاع إلى مرضاة الله أو دعّاء له تعالى لقوّته في الدين وفي تحمل أعباء الخلافة والرسالة ، أو كان صاحب قوة في العبادة فإنه كان يصوم يوما ويفطر يوما ، وهذا أشدّ من صوم الدّهر حيث إن صيام الدهر موجب للاعتياد ، والرياضة الاعتيادية ليس فيها مزيد مشقّة على النفس بخلاف ما فيه الفصل.
١٨ ـ (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ ...) أي صيّرناها مأمورة بأمره فتسايره حيث سار وتقف حيث وقف (يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) أي حين تغيب الشمس وحين تطلع ويصفو شعاعها. وقد مرّ تفسير تسبيح الجبال في سورة الأنبياء أو سبأ ، والظاهر أننا قد اخترنا ما هو ظاهر الشريفة من أنه تعالى خلق في جسم الجبال حياة وقدرة وشعورا ومنطقا وحينئذ يصير الجبل مسبّحا لله تعالى بأمره وقدرته الكاملة كما صارت الحصى كذلك أي مسبّحة بلسان فصيح سمعه أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وفهموا تسبيحها. وفي بعض الأوقات رأينا جمادات أخر أو حيوانات غير ناطقة كانت تتكلّم بلسان فصيح بالشهادة للرسالة أو بالولاية والخلافة أو بما تؤمر به من عنده سبحانه أو بأمر النبيّ أو الوليّ. والحاصل أن تسبيح الجبال باللسان أو بما يشبه اللسان تسبيحا حقيقيا أمر غير محال بالإضافة إلى الخالق القادر المتعالي. ويحتمل أن يكون تسبيحها بإيجاد الصّوت وخلقه فيها كما احتمل في الشجرة. وأمّا ما قيل من أن تسبيح الجبال كان عبارة عن رجع الصّدى ، أي ما يردّه عليك المكان الخالي والقباب الرفيعة الواسعة الفارغة إذا نطقت بصوت عال فيها ، وبعبارة أخرى إنّ تسبيحها هو الترجيع من