١٣ ـ (وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ ...) أي وإذا وعظوا بالقرآن أو خوّفوا بالله لا يتذكرون ولا يتّعظون ولا يتدبّرون فيما يدلّ على صحّة الحشر والنّشر حتى ينتفعوا به ، وذلك لبلادتهم وحماقتهم وقلة فكرهم ، وكذا :
١٤ إلى ١٩ ـ (وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ...) أي إذا شاهدوا معجزة تدلّ على صدق القائل بالبعث والحشر (يَسْتَسْخِرُونَ) يهزأون ويبالغون في السخرية والاستهزاء بها بأن يحملوها على السّحر كما أخبر به سبحانه بقوله (وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) إشارة إلى ما يرونه من الآية التي ينبغي أن يتّعظوا بها بل قالوا ساخرين (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً) أي كيف نبعث بعد ما صرنا ترابا وعظامنا رفات متكسرة مسحوقة (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ؟) بالغوا في إنكار البعث أشدّ مبالغة لشدة عنادهم في الكفر أوّلا بتبديل الفعليّة أي أنبعث بالاسميّة وهي (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ)؟ وثانيا بتقديم (إِذا) وثالثا بتكرير الهمزة كما لا يخفى على أهل الأدب (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) عطف على محلّ اسم (إِنْ) أو ضمير مبعوثون ومعناه هل إنّ آبائنا لمبعوثون بعد طول مدّة موتهم وفنائهم؟ والاستفهام للإنكار وهم يعنون إنّنا وآباءنا لا نبعث أبدا. ثم قال سبحانه لنبيّه (قُلْ) يا محمد (نَعَمْ) ستبعثون (وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) أي ذليلون أشدّ الذّلة صاغرون مرغمون. وحين يريد سبحانه وتعالى بعثكم وإحياءكم (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) أي البعثة ليست إلّا بعد صيحة واحدة وهي النفخة الثانية ، وهي من زجر الراعي غنمه إذا صاح عليها (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) أي بصرف الصّيحة إذا هم قيام من مراقدهم حاضرون في المحشر ينتظرون ما يفعل بهم ، أو يبصرون صعيد المحشر وهم حيارى منتظرون للأمر الإلهي يرون البعث الذي كانوا منكريه ، فإذا تفكّروا في أعمالهم القبيحة وأفعالهم السّيئة نادوا بالويل والثّبور.
* * *