عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٤٢))
٣٨ و ٣٩ ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ... ثم إنه سبحانه بعد تهديد كفرة قريش باستئصال قوم تبّع لعتوّهم وعنادهم وإنكارهم للبعث والمعاد ، يبيّن صحّة وقوع الحشر والجزاء بقوله : (خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) ليس على وجه اللهو واللّعب ولا عبثا ، بل خلقناهما على وجه المصلحة والحكمة. فإذا كان إيجاد جميع المخلوقات من العدم لمصلحة وحكمة فكيف بعد ذلك نهملهم ونتركهم ضياعا بلا يوم حساب وثواب وعقاب؟ والذي تزعمونه من أن خلقهما كان على وجه العبث ، هو خلاف الفرض ، فلا بدّ من يوم حساب وجزاء ليلقى الإنسان جزاء عمله إن خيرا وإن شرّا ؛ وهذا تفسير قوله (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ) ، إلى قوله سبحانه (لاعِبِينَ) أي لاهين وبلا مصلحة. وفيها تنبيه على ثبوت الحشر ليثاب المؤمن بعمله الصالح والكافر بعمله الطالح. فنحن (ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِ) أي لغرض صحيح ومصلحة عامة هي الدّاعية لخلقهما (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) لقلّة نظرهم وقصره على الدنيا ، أو لتركهم النظر والتفكّر في خلقتهما وأنهما لماذا خلقا.
٤٠ ـ (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ) ... أي فصل الحق عن الباطل ، أو المحق عن المبطل ، و (مِيقاتُهُمْ) موعدهم (أَجْمَعِينَ) أي جميع الخلق.
٤١ و ٤٢ ـ (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى) ... هذه الجملة بدل عن قوله (يَوْمَ الْفَصْلِ) يعني يوم الفصل يوم لا يدفع مولى بقرابة وغيرها عن مولى شيئا أي شيئا من الإغناء أو شيئا من العذاب (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أي لا يمنعون منه ، ولا يعاونهم أحد من مواليهم وأصدقائهم في دفع