(وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) أي النبوّة والعلم بشرائع الله والزبور والإصابة في الأمور والمعرفة به تعالى (وَفَصْلَ الْخِطابِ) أي الكلام البيّن الدّال على المقصود بلا التباس ، أو القضاء بالبيّنة واليمين أو التمييز بين الحق والباطل في مقام قطع الخصومة بين المتداعيين.
٢١ ـ (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ ...) الاستفهام إنكاريّ. أي لم يأتك ، وقد أتاك الآن فتنبّه له ، وفيه ترغيب في الاستماع وإشارة إلى الاهتمام بشأن القصّة. والخصم في أصل اللغة مصدر ولهذا كان إطلاقه على الواحد والجمع جائزا بلفظ واحد ، بل على التثنية أيضا على ما هو شأن المصدر نحو لفظ (ضيف) في قوله (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) وذكر الجمع فيما نحن فيه في الجمل الآتية مع أن المراد به هو الاثنان لأن مع كل واحد منهما جماعة من الملائكة كما في التبيان ، فإن جبرائيل وميكائيل أتيا داود على صورة خصمين ومع كلّ واحد كان جمع من الملائكة وكان داود قد قسّم الأيام بالنسبة الى أعماله فقرّر يوما للحكم بين الناس ويوما للعبادة والأنس مع ربّه ويوما للوعظ والنصح للناس وبيان الحلال والحرام لهم ، ويوما للأشغال الخاصة لنفسه. وجعل يوم عبادته أن يصعد إلى غرفة فوقانية خاصة للعبادة ، ثم منع دخول أيّ أحد عليه حتى خواصّ حواريّيه ومن يلوذ به. وكان الحرس حوالي الغرفة يمنعون ورود الواردين والوفود عليه ، فاذكر يا محمد هؤلاء (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) أي صعدوا سور الغرفة لا من بابها المتعارف حيث إن الحرس كانوا واقفين عليها ومانعين للورود أشدّ منع.
٢٢ ـ (إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ ...) أي اذكر إذ نزلوا عليه من فوق الغرفة في يوم احتجابه بلا إذن منه والحرس على الباب وكانوا بصور عجيبة (فَفَزِعَ مِنْهُمْ) أي خاف منهم خوفا شديدا لأنه زعم أنهم أرادوا قتله حيث كان له أعداء كثيرون ، فلمّا شاهدوا منه الخوف (قالُوا لا تَخَفْ