علّام الغيوب ، فطلبهم التوبة متفرّع على إحاطة علمه سبحانه (وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) أي مشوا على الجادة المستقيمة والدين الحق. ولعلّ هذه الجملة إشارة إلى أن التوبة لا بدّ وأن يتعقّبها العمل الصالح ، وإلّا فلا يفيد مجرّد التوبة فإن التوبة من لوازم الإيمان ،! والإيمان لا يقبل إلا مع العمل الصّالح. ولذا نوعا قيّد قبوله به كما في الآيات الشريفة (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) هذا تأكيد لما سبق ، ويفيدنا أن إسقاط العقاب عند التّوبة تفضّل من الله إذ لو كان واجبا من باب استحقاق التائب فلا حاجة الى مسألتهم منه تعالى بل كان يفعله الله لا محالة.
٨ ـ (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ...) أي مع توبتهم وقبولها ووقايتهم النّار فحينئذ أدخلهم (جَنَّاتِ عَدْنٍ) ، إلى قوله : (وَذُرِّيَّاتِهِمْ) وقد سألوه سبحانه دخول هؤلاء مع دخول التائبين ليتمّ سرورهم ولتعظيم التائبين وإعظام شأنهم ، ولتشويق الناس إلى التوبة والاستغفار (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) الذي لا يمتنع عليه مقدور (الْحَكِيمُ) الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه حكمته ومن ذلك الوفاء بالوعد.
٩ ـ (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ ...) أي عقوباتها ، وتسميتها بالسيّئات على المزاوجة كما قال (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) ويحتمل أن يكون الكلام على تقدير المضاف ، أي الأعمال السيئة ، وهذا الكلام يصير من باب ذكر العام بعد الخاص لأن قوله تعالى قبل ذلك (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) يتناول عذاب جهنم فقط ، وعذاب السيئات يشمل ذلك وعذاب الموقف والقبر ومواقف يوم القيامة ، أي وجنّب جميع أهل الإيمان الأعمال السّيئة وجزاءها يوم القيامة (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) أي ومن تصونه من عقوبات أعماله وجزاء سيّئاته يوم الجزاء فقد رحمته ، لأنّ من انصرف عنه شرّ معاصيه فقد أنعم الله تعالى عليه بأحسن النّعم وأعلاها (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) في الكافي مرفوعا : إن اللهعزوجل