فلا تنفعهم التوبة حين معاينة العذاب لأن التكليف قد زال والتوبة والاعتذار متوقّفة عليه على ما قرّر في محلّه ، ولذا ما قبلت توبة فرعون حينما قال (آمنت برب موسى وهارون) وتوبة قارون حينما ابتلعته الأرض واستغاث بإله موسى ، فما أمر موسى بأن ينجّيه من الهلكة مع أن أنبياء الله كلّهم مظاهر رحمة الله ورأفته على عباده. وقال القمّي في قوله (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) أي : ولا يجاوبون ولا يقبلهم الله.
* * *
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣٧))
٣٦ ـ (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ ...) أي خالقهما ومالكهما ومدبّر أمورهما و (رَبِّ الْعالَمِينَ) ومالك جميع العوالم. وذكر العالمين بعد السّماوات والأرض إمّا من باب ذكر العامّ بعد الخاصّ ، أو المراد به غير ذلك بقرينة المقابلة. ووجه الحمد على ذلك لأنّ كلّ نعمة منه لا يوازيها نعمة فينبغي ان نحمده ونشكره حمدا وشكرا كثيرا لا يحصيه أحد غيره تعالى.
٣٧ ـ (وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) أي له العظمة والتجبّر في الملكوت الأعلى والأرضين السّفلى إذ ظهرت فيهما آثار قدرته (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب في سلطانه وفي حكمه على الأشياء كلها (الْحَكِيمُ) في تدبيره.