القليل من الأمور ، لكنّه شاورهم في قتل موسى الذي يعرف انه هو الذي في صدد زوال ملكه وهدم سلطانه وانكسار جبروته وإخماد طنطنة ملوكيّته الواسعة في ذلك العصر. والحاصل أن حزقيل لمّا سمع هذا الكلام من فرعون عرف أنّه ما انصرف عن القتل كاملا بل عقيدته أنّ في القتل صلاحا ولذا خاطبهم ثانيا :
٣٠ و ٣١ ـ (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ ...) أي قال حزقيل (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) أي في تكذيبه والتعرّض له (مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ) أي مثل أيام الأمم الماضية المتعرّضة للرّسل بالأذى والقتل بأنواعه (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ) أي جزاء عادتهم على إيذاء نوح وتكذيبه فأهلكهم الله بالطّوفان والغرق (وَعادٍ وَثَمُودَ) أي مثل سنّة الله تعالى فيهم حين استأصلهم وأهلكهم جزاء بما كانوا يفعلون من الكفر وقتل الرّسل وإيذائهم (وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) كقوم لوط وأهل المؤتفكة الذين صارت بلادهم مقلوبة عاليها سافلها وبالعكس (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) يعني تدمير هؤلاء كان على وجه العدالة وصدر منه تعالى ووقع في محلّه والظّلم وقوع الشيء في غير محله فهو تعالى لا يريد ظلما فضلا أن يظلمهم بل يريد أن يتعامل معهم بالعدل لا بالفضل.
٣٢ ـ (وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ) ... أي يوم القيامة ، وسمّي بذلك لنداء بعضهم بعضا بالويل والثبور ، أو لتنادي أهل الجنة وأهل النّار وبالعكس ، أو لأنه ينادى كلّ أناس بإمامهم ليستشفعوا به ويستعينوا به ، أو لأنه ينادى في أهل الجنّة : يا أهل الجنّة خلود ولا موت ، ويا أهل النّار خلود ولا موت.
٣٣ ـ (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ...) أي منصرفين عن الموقف إلى النّار ، أو فارّين عنها ولا يفيدهم الفرار حيث إنّهم يرجعون ولا يمكن الفرار من حكومته عزوجل (ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) أي من عذابه ما لكم من مانع ولا دافع وهذا التهديد الذي نقله المؤمن إليهم ألهمه الله تعالى إياه