بطونهم كغلي الحميم ، فاذا شبعوا من أكل الزقوم يشتدّ عطشهم فيحتاجون إلى الشراب فعند هذا وصف الله تعالى شرابهم فقال :
٦٧ ـ (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ...) أي أنّ لأهل النار بعد أكل ثمرة الزقّوم أن يغلب عليهم عطش شديد ويطول استسقاؤهم إذ إنّ فيهم (لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) أي من ماء حارّ في غاية الحرارة مخلوط بغسّاق أو صديد يقطّع أمعاءهم.
٦٨ ـ (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ...) أي بعد الأكل والشرب يردّونهم إلى الجحيم. وظاهر الآية يدل على أنّ الحميم خارج عن الجحيم وأنهم يوردونهم إليه أوّلا ثم يردّون إليها. ويؤيّد هذا الظهور قوله سبحانه (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) فهم يوردون إليه كما تورد الإبل إلى الماء ، ثم يردّون إلى الجحيم.
٦٩ ـ (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ ...) أي وجدوهم على الضّلالة فاقتفوا آثارهم وتسرّعوا إلى اتّباعهم كما قال سبحانه :
٧٠ ـ (فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ ...) الإهراع هو الإسراع الشّديد ، كأنّهم يزعجون ويحملون على الإسراع على أثر آبائهم. وفيه إشعار بالمبادرة إلى ذلك من غير توقّف على فكر أو بحث ونظر. فالشريفة تعليل لاستحقاقهم تلك الشّدائد. ثم إنه تعالى تنبيها لقريش وسائر كفار مكة أخبر رسوله عن الأمم الماضية والقرون السّالفة فقال عزّ من قائل :
٧١ ـ (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ ...) (اللّام) هي التي تدخل على جواب القسم المحذوف و «قد» للتّأكيد. أي قبل هؤلاء الذين هم في عصرك من المشركين الذين كذّبوك ، ضلّ أكثر الأمم السّالفة.
٧٢ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ ...) أي الأنبياء والرّسل لإنذارهم ، فأنذروهم وخوّفوهم ووعظوهم فما خافوا وما اتّعظوا.