الله) وحذف لدلالة المقام عليه (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) أي جاء وقت العمل وتوطين النفس على الفعل (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) أي لو عملوا بما كانوا يطلبونه معجّلا من نزول الأمر بالجهاد وأظهروا التشوّق للقتال (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) أن يصدقوا الله ، والصدق من الأمور التي تصدر عنهم كالصّدقات وإنفاق الأموال في سبيل الله وغيره ، أو لكان خيرا لهم امتثال أمر الله في باب الجهاد وكان أحسن لهم من النّفاق وإظهار الاشمئزاز من الجهاد والقتال.
٢٢ ـ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) ... أي أترجون بأنّكم لو ملّكتم أمر النّاس وتسلّطتم على رقابهم (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) بأخذ الرّشى وأخذ أموال الناس بغير الحق وقتل النّفس المحترمة وهتك أعراض الناس ونواميسهم (وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) بأن لا تزوروهم ولا تسألوا عن أحوالهم ولا تساعدوهم فيما يحتاجون إليه ونحو ذلك والحاصل تريدون أن ترجعوا إلى الجاهليّة الغاشمة والحريّة الرعناء. فإن كانت هذه عقيدتكم فأنتم ممّن قال تعالى في شأنهم :
٢٣ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) ... أي أبعدهم من رحمته فلا يشملهم فضله وإحسانه وجوده. ولذا تفرّع على كونهم ملعونين قوله (فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) أي خلّاهم وتركهم على ما هم عليه من الأخلاق الرذيلة والعقائد السّخيفة ، وهذا غاية الخذلان ونهاية الخسران. والاستفهام تقريريّ ، يعني إن وصلتم إلى هذه الدّرجة من الرّفعة والرقيّ والسّلطة فلا يبعد منكم أن تتصدّوا لما ذكر من القبائح بل تفعلونها بلا ريب.
* * *