بحيث لا يشكّ فيه أنه صلىاللهعليهوآله ممّن لا يخالف أوامر ربّه ونواهيه الواجبة ، فجاز أن يسمّى ذنبا منه ما لو وقع من غيره لم يسمّ ذنبا لعلوّ قدره ورفيع شأنه (ص) وقد قلنا في سورة محمد في نظير المقام مقالة لا يبعد أن تكون أحسن ما قيل فيه فلا نكررها فلتراجع. أو أن الكلام محمول على ما عن الصّادق (ع) حين سئل عن هذه الآية فقال : ما كان له ذنب ولا همّ بذنب ، ولكنّ الله حمّله ذنوب شيعته ثم غفرها له. أو محمول على تركه الأولى وهذا يرجع الى ما ذكرناه أولا من تركه المندوب والله أعلم (وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) أي بإعلاء أمرك وإظهار دينك وضميمة الملك إلى النبوّة (وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) أي إلى دين الإسلام ، أو يهديك في تبليغ الرّسالة وإقامة مراسم الرّئاسة ، أو طريقا عدلا لا اعوجاج فيه وهو التوحيد ويتبعه جميع ما يرتبط بالنبوّة والرّسالة.
٣ ـ (وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً) ... أي ينصرك نصرا فيه منعة ولا ذلّ معه رغما لأنوف أعدائك. والوجه في التصريح بذكر الفاعل في المغفرة والنّصرة وفي غيرهما ولم يختصر على الضّمير هو الاهتمام بشأنهما فإن مغفرة الذنوب والنّصر على أعداء الدين هو المقصد الأصلي والمأمل العالي عند أصحاب الإيمان وأرباب الدّين لصريح دلالتها على عزّ الدارين وتضمّنهما لتماميّة النّعمة والهداية ، ولذا ترى إيراد النّعمة والهداية بين الآيتين المباركتين للاشعار بأن الغفران والنّصر محيطان بهما وشاملان لهما. وعن موسى بن عقبة أنه لمّا رجع النبيّ صلىاللهعليهوآله من الحديبيّة قال بعض الأصحاب اعتراضا على النبيّ (ص) للبعض الآخر منهم : كيف كان هذا الفتح الموعود مع صدّنا عن البيت الحرام؟ فوصل هذا الخبر إلى النبيّ الخاتم صلىاللهعليهوآله فقال : بئس الكلام هذا ، بل هو أعظم الفتوح لأن المشركين تنزلوا عن مقام شوكتهم وتكبّرهم ونخوتهم واستدعوا عنكم الأمان وطلبوا منكم الإمهال ، وهذا عن كمال عجزهم وغاية ذلّهم ولذا