نَصِيرٍ (٨))
٧ ـ (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) ... أي مثل ما أوحينا إلى من تقدّمك من الأنبياء بالكتب التي أنزلناها عليهم بلغة قومهم ، أوحينا إليك قرآنا بلغة العرب لتفقّههم فيما فيه (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) أي أهل مكّة. وتسمية مكّة بأمّ القرى لانبساط الأرض طرّا من تحتها يوم دحو الأرض ، فهي أمّ البلدان وأصل جميع نواحي العالم وأقاصيها (وَمَنْ حَوْلَها) أي أطرافها. والحاصل أنك مبعوث من عندنا إلى جميع العالم لتنذرهم وتدعوهم إلى دين الإسلام (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) أي تنذرهم يوم يجمع فيه الخلائق ، أي يوم القيامة (لا رَيْبَ فِيهِ) أي لا شكّ في يوم الجمع. وهذه الجملة معترضة لا محل لها من الاعراب ، أقحمها سبحانه لأن يوم الجمع مقطوع بوقوعه (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) أي في ذلك اليوم يكون الناس على قسمين ليس لهم ثالث : قسم في الجنة ، وآخر في النار. وفي الكافي عن الصّادق عليهالسلام قال : خطب رسول الله صلىاللهعليهوآله الناس ، ثم رفع يده اليمنى قابضا على كفّه ثم قال (ص) : أتدرون أيّها الناس ما في كفيّ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. فقال : فيها أسماء أهل الجنّة ، وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة. ثم رفع يده اليسرى فقال : أيّها الناس أتدرون ما في كفّي؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. فقال : أسماء أهل النار وأسماء آبائهم إلى يوم القيامة ، ثم قال : حكم الله وعدل ، حكم الله وعدل ، فريق في الجنّة ، وفريق في السّعير.
فإن قيل : إن ظاهر صدر الآية يقتضي أن الله إنّما أوحى إليه لينذر أهل مكة وأهل القرى المحيطة بمكة ، وهذا يقتضي أن يكون مبعوثا إليهم فقط ، فلا يكون رسولا إلى ما سواهما من أهل العالم مع أنّه بنصّ الآيات والرّوايات رسول إلى كافّة الجنّ والإنس؟ فالجواب : إنّ التخصيص بالذّكر