مقام الترغيب والتحريض وليس معنى هذا أنهنّ كسائر نساء الدنيا بل المراد أنهن من نوعهن مع الفارق فوق ما يتصوّر ويتعقّل من الصفاء والبهاء والرشاقة والحسن. والنعومة والأنوثة لأن الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وفي الكافي عن الباقر عليهالسلام قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بعث ربّ العزّة عليّا عليهالسلام فأنزلهم منازلهم من الجنة فزوّجهم ، فعليّ والله الذي يزوّج أهل الجنة في الجنة وما ذاك إلى أحد غيره كرامة من الله وفضلا فضّله الله ومنّ به عليه عليهالسلام.
٥٥ ـ (يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ) ... أي يطلبون ويرغبون بكلّ نوع من أنواع الفواكه التي يشتهون في كلّ وقت ومكان ، ولا يتخصّص شيء منها بمكان ولا زمان (آمِنِينَ) من ضررها وسقمها ووجعها ، كلّها شفاء ورحمة للمؤمنين.
٥٦ ـ (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ) ... أي يبقون أحياء في الجنة لأنّه لا موت فيها. فالسّالبة منتفية لانتفاء موضوعها (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) نعم ذاقوا مرارة الموت الأول ولكنّه كان في الدّنيا. فالاستثناء منقطع (وَوَقاهُمْ) أي جنّبهم ربّهم (عَذابَ الْجَحِيمِ) تفضّلا منه وكرما جزاء بما كانوا يعملون. كما أشار إليه سبحانه بقوله :
٥٧ ـ (فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ) ... لأنه سبحانه خلقهم وأنعم عليهم وركّب فيهم العقل وكلّفهم وبيّن لهم من الآيات ما استدلّوا به على وحدانيته وحسن طاعته فاستحقّوا به النّعم العظيمة. ثم جزاهم الحسنة عشر أمثالها فكان ذلك تفضّلا منه (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) لأنّه خلاص من المكاره ونجاة من الحوادث وفوز بالمطالب والمقاصد.
* * *