بإرسال الرّسل قال تعالى : (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ) والرسول هو جبرائيل عليهالسلام لأنه رسول الله إلى أنبيائه وهم رسل الله إلى سائر خلقه (بِإِذْنِهِ) أي بامره تعالى (ما يَشاءُ) الله (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) أي أعلى شأنا من أن يكون على صفات المخلوقين من وقوع الرؤية عليه أو أن يتكلّم مع خلقه مشافهة كما يتكالمون هم كلّ واحد مع الآخر ، كذلك أو يأكل ويشرب ويمشي في الشوارع والأسواق كما قال بعض المتصوّفة الجهلة بهذه الأباطيل والخرافات (حَكِيمٌ) يفعل ما تقتضيه حكمته البالغة والمصلحة العامّة أو الخاصّة في موارد خاصّة.
٥٢ و ٥٣ ـ (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) ... أي كما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك هكذا نوحي إليك ونرسل (رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) في الكافي عن الصّادق عليهالسلام في هذه الشريفة ولعلّه سئل عن الروح كما يستفاد من قوله (ع) فقال : خلق من خلق الله عزوجل أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله صلىاللهعليهوآله يخبره ويسدّده ، وهو مع الأئمة عليهمالسلام من بعده. وفي رواية منذ أنزل الله ذلك الروح على محمد صلىاللهعليهوآله ما صعد إلى السماء وإنه لفينا (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) أي ما كنت تعرف القرآن ولا الشرائع ومعالم الدّين قبل الوحي أو قبل نزول القرآن (وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً) أي القرآن أو الرّوح. وقيل المراد من الرّوح هو القرآن ، وتسميته روحا لأنه حياة قلوب المؤمنين كما أنه بالأرواح تحيا الأبدان ، فعلى هذا لا فرق في رجوع الضمير إلى القرآن أو إلى الرّوح (نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) أي بالقرآن نرشد العباد من حيرة الضّلالة والغواية إلى سبيل الهداية وطريق النجاة ، لأن القرآن إذا كان نورا فإنه كما يهتدي الإنسان بالنور الذي هو ظاهر بنفسه ومظهر لغيره ، يهتدي الإنسان بالقرآن بتوفيقه سبحانه ويهتدي سائر العباد. فإطلاق النور على القرآن حقيقة لا أنّه مجاز. وفي الكافي عن الصّادق عليهالسلام أنه