التأبيد عرفا ، أو أنّه يعذّب بعده مع هذه اللعنة التي تلازمه إلى يوم البعث.
٧٩ ـ (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ...) أي أخّرني إلى يوم القيامة حين يبعث العباد. وقد استنظره إلى وقت لا موت فيه ولا فيما بعده ، لئلّا يموت ولا يذوق عذاب نزع الرّوح ، ولم يجبه سبحانه بل قال له :
٨٠ و ٨١ ـ (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ...) فأجابه إلى ما هو مطلوبه بأصل الإنظار لا بالكيفيّة التي طلبها ورغب فيها ، إذ أنظره (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) أي إلى يوم هو معلوم عندي ، يمكن أن يكون المراد إلى النفخة الأولى أو إلى وقت أجلك المسمّى ، ويحتمل أن يكون المراد وقت كون البشر في عالم الوجود حيث إن إنظار إبليس لامتحان البشر ، فوجوده يدور مدار كون البشر فإذا لم يكونوا فما فائدة وجوده؟
٨٢ و ٨٣ ـ (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ...) أي أقسم بسلطانك وقهرك الّذي تقهر به جميع المخلوقين سأدعو بني آدم إلى الغيّ والشّقاق والضّلالة وأزيّن لهم القبائح حتى يعملوها ولا يجيبوك في أوامرك ونواهيك ... ولن ينجو منّي (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) الذين أخلصتهم لطاعتك إذا قرئ بفتح اللام ، وإذا قرئ بالكسر معناه الذين أخلصوا دينهم وعباداتهم لك فهؤلاء ليس لي عليهم سلطان ولا سبيل. والمراد بالاوّلين هم المعصومون الذين عصمهم الله من الزلل والضّلال وأذهب عنهم الرجس وطهرهم.
٨٤ و ٨٥ ـ (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ...) أي فأنا الحقّ وأقوله. أو فالحقّ قسمي والحقّ أقوله : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ) من جنسك وهم الشّياطين (وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ) من النّاس (أَجْمَعِينَ) تأكيد للجنسين.
* * *