عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣))
١١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) ... أي لا يهزأ رجال من رجال. وخصّ القوم هنا بالرجال لأنهم هم القوّامون في الحياة. وقال الخليل النحوي : القوم يقع على الرّجال دون النساء لقيام بعضهم مع بعض في الأمور. وظاهر كلامه الإطلاق. ولكنّه لا تساعده الآيات الشريفة كقوله ((يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) ، إلخ.
وأما قول الشاعر :
وما أدري ولست إخال |
|
أقوم آل حصن أم نساء |
فهذا الاختصاص بقرينة المقابلة وقرينة المقام حيث يريد الشاعر استهجانهم وذمّهم وأن يقول لهم أنتم لستم برجال بل أنتم في حكم النساء وأشباه الرجال ، وهذا خارج عمّا نحن فيه من إثبات الاختصاص أو الإطلاق ، مع قطع النظر عن القرائن. والمعنى لا يستهزئ رجال برجال (عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) أي لعل المسخور منه أكرم وأحسن عند الله من السّاخر. وقال القمي : نزلت في صفيّة بنت حيّ بن أخطب وكانت زوجة رسول الله صلىاللهعليهوآله وذلك أن عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها يا بنت اليهوديّة فشكت ذلك إلى رسول الله (ص) فقال لها ألا تجيبينهما؟ فقالت بما ذا يا رسول الله؟ قال : قولي إنّ أبي هارون نبيّ الله ، وعمّي موسى كليم الله وزوجي محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله فما تنكران منّي فقالت لهما. فقالتا هذا علّمك إياه رسول الله ، فأنزل الله في ذلك (يا أَيُّهَا الَّذِينَ) (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) ولا يعيب بعضكم بعضا. والتعبير عن البعض بأنفس لأن المؤمنين كنفس واحدة فكأنه إذا عاب أخاه عاب نفسه ، أو إذا قتله قتل نفسه ، ولذا قال تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) وكلّها من باب