٤٣ و ٤٤ ـ (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ ...) أي لا مغيث لهم ينصرهم ولا حارس يحرسهم من الغرق (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) أي ينجون من الموت لو أردنا أن نهلكهم (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً) أي لا يغاثون ولا ينقذون إلا أن تشملهم العناية الرّحمانية منّا حسب ما نرى من المصالح والحكم في من علمنا منه خيرا وأنّه مؤمن أو سوف يؤمن أو سيولد منه مؤمن ونحو ذلك من المقتضيات للنّجاة والحراسة ، فنمتّعه متاعا قليلا في الدنيا إلى (حِينٍ) أي إلى زمان قدّرناه لهم لتقضى آجالهم ، فالمغيث والمنقذ هو هذا فقط لا غيره.
٤٥ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ ...) أي وقائع الأمم الماضية (وَما خَلْفَكُمْ) أي أمر الساعة أو ما تقدّم من ذنوبكم وما تأخّر ، أو عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، أو عكسه. وفي المجمع عن الصّادق عليهالسلام : معناه اتّقوا ما بين أيديكم من الذّنوب وما خلفكم من العقوبة. وجواب (إِذا) محذوف دلّ عليه ما بعده ، أي : لا يتّقون ويعرضون. ويدلّ على هذا المحذوف قوله تعالى :
٤٦ ـ (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ ...) أي من حجة وبرهان على صدق ما يدّعيه الرّسول (مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ ، إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) عن التفكّر في الحجج والمعجزات (مِنْ) الأولى هي التي تزاد بعد النفي للتّأكيد والاستغراق ، والثانية للتّبعيض ، أي : ليس آية تأتيهم إلا أعرضوا عنها ، وذلك سبيل من ضلّ الهدى وخسر الآخرة.
٤٧ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ...) أي من ماله على خلقه المحاويج الذين هم عيال الله (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) هذا القول إيهام بأنّ الله لما كان قادرا على أن يطعمهم فلم يطعمهم ، فنحن أحقّ بأن لا نطعمهم أيضا. وهذا الكلام من فرط