حكمة ، ومن نسبة الأنبياء إلى فعل السفهاء وعمل الجهّال. فلينظر هذا القول وليتدبّره من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. ويمكن أن يجاب هذا الطاعن بأنه عليهالسلام إنّما فعل ذلك لأنّها كانت أعزّ أمواله فتقرّب إلى الله تعالى بأن ذبحها ليتصدّق بلحومها ، فإنّ أكل لحومها في ذلك العصر كان أمرا شائعا متعارفا كأكل الأغنام والبقر والجمال وغيرها ، ويشهد بصحة هذا القول قوله تعالى (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) إلخ.
* * *
(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (٣٤) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (٣٦) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٣٨) هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠))
٣٤ ـ (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ ...) أي اختبرناه وامتحنّاه بأن شدّدنا المحنة عليه (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) يحتمل أن يكون إلقاء هذا الجسد بيانا لشدّة محنته وابتلائه وما اختبره به ، فإنه عليهالسلام كان يحب أن يكون له أولاد كثيرون يجاهدون في سبيل الله ، وكان عنده من النّساء ما شاء ، وكان يطوف عليهن طلبا للأولاد ولكنهنّ لم يلدن له ، إلّا امرأة واحدة جاءت