يتعلق بدنياكم من الأموال والأولاد وكلّ شيء ترغبون وتتنافسون فيه فهو ممّا ينتفع به من عروض الدّنيا وأنتم تمتّعون به زمن حياتكم ولكنه غير باق ، بل ينقضي عن قريب (وَما عِنْدَ اللهِ) من ثواب الآخرة ونعيم الجنّة (خَيْرٌ وَأَبْقى) إذ لا ينقص ولا ينقطع ، وهذا وجه كونه أبقى. وأما وجه كونه خيرا فلأنّه متاع دار البقاء واحتياج الإنسان فيها أزيد من دار الفناء ، فمتاع تلك الدار خير من متاع هذه الدار الفانية بمراتب كثيرة لأنه باق وهذا فان ، والباقي لو كان خزفا أحسن من الفاني وإن كان ذهبا ولذا اختصّ سبحانه ما عنده بالمؤمنين كما يقول سبحانه (لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) والتوكّل على الله هو تفويض الأمور إليه باعتقاد أنها جارية من قبله على أحسن التدبير ، مع الفزع إليه بالدّعاء من كل ما ينوب.
٣٧ ـ (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ) ... عطف على الموصول وصلته ، فالمعطوف محلّه النّصب والتقدير : إن ما عند الله للّذين يجتنبون الكبائر : والكبائر فيها أقوال ، والمشهور أنّها ما ذكر في القرآن وأوعد عليه النّار. وعن ابن عباس : كبير الإثم هو الشّرك ، وقيل المراد بالكبائر ما يتعلّق بالبدع واستخراج الشّبهات ، (وَالْفَواحِشَ) ما يتعلّق بالقوة الشّهويّة وفواحش جمع فاحشة ، وهي أقبح القبائح كالشّرك أو إنكار الصانع تعالى أو الزنى ، ولها مراتب على تفاوت مراتب القبائح. وقوله (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) هو ما يتعلّق بالقوّة الغضبيّة ، ففي القمّي عن الباقر عليهالسلام قال : من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة. قال : ومن ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب حرّم الله جسده على النّار.
٣٨ ـ (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) ... أيضا عطف على ما قبله ، ومعناه : الّذين أجابوه إلى ما دعاهم إليه من الإيمان به وبنبيّه (ص) وبما جاء به. والقمّي قال في إقامة الإمام (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) أي