البعث والعذاب. أرأيت أنّ الأمر ظهر على خلاف ما تعتقده وتزعمه ، فإنه تعالى بعد ما أماتنا في الأولى ، أحيانا في العقبى كما ترى أفما صرنا ميّتين معكم في الدّنيا ، والآن نحن وأنتم أحياء ، ونحن عند ربّنا مرزوقون في جنّات النعيم وأنتم أيّها المنكرون للبعث والنشور في درك الجحيم. وفي أكثر التفاسير أنّ هذا الكلام من مقالات أهل الجنة ومكالماتهم فيما بينهم تعجّبا وسرورا بدوام نعيم الجنّة. فقولهم (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) يعني أنحن مخلّدون ولم يعد من شأننا الموت (إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى) التي في الدنيا (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) على الكفر السّابق قبل الإيمان؟ ويؤيّد القول الأخير تعقيب الآيات السابقة بقوله تعالى :
٦٠ ـ (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ...) أي النعمة والخلود في الأمن من العذاب ، والظفر من المهالك والنجاة من المكاره ، وعظيم كمال العظمة بناء على كونه من قول الله تعالى تصديقا لقول المؤمن لا أنّه أيضا من قول المؤمن.
٦١ ـ (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ ...) وهذا الكلام يحتمل أن يكون من قوله تعالى ، أي لمثل هذه النعم التي ذكرناها ينبغي أن يعمل العاملون في دار الدّنيا ، ويحتمل كونه من قول أهل الجنّة.
* * *
(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ