وقوله : (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) أي أثبناه عليه وقبلنا منه ما تركه من ترك المندوب. وتسميته بالمغفرة كان على طريق المزاوجة نحو (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) أو (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) أو كما تدين تدان وغير ذلك من الموارد. وروي أن خطيئته التي صارت باعثة لاستغفاره هي المسارعة في الحكم بقوله (لَقَدْ ظَلَمَكَ) إلخ قبل أن يسأل البيّنة من المدّعي وقبل أن يقول للمدّعى عليه : ما تقول في ما يدّعى عليك؟ ثم بعد نعمة الغفران والبشارة بالقرب وحسن المرجع ذكر إتمام نعمه على داود بقوله :
٢٦ ـ (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً ...) أي لإقامة أمر الدّين وتدبير أمر الناس ، أو جعلناك خلف من مضى من الأنبياء في الدّعاء إلى توحيد الله وبيان شريعته (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) أي ضع الأشياء في مواضعها التي أمرناك بها (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) لا تحكم خلاف حكم الله طبقا لهواك. وهذا تهييج له أو من باب إيّاك أعني (فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي عن الطريق الذي هو الجادة للشريعة الإسلامية ، أو يضلّك عن الدّلائل والحجج الواضحة لإثبات الحق والحقيقة (إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ) أي ينحرفون عن طريق الحق تكون نتيجة ضلالهم الخسران في الآخرة و (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) أي بسبب نسيانهم إيّاه. فيكون الظرف متعلقا بقوله (نَسُوا) ويحتمل أن يتعلّق بما يتعلق به الجار في قوله (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ).
* * *
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا