إلى عليّ عليهالسلام لكننا جعلناها لعيسى على ما هو الظاهر.
٥٩ ـ (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) ... أي ما عيسى إلّا عبد متّعناه بنعمة النبوّة (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) كما في الغرابة من خلقه ومولده من غير أب. وقد أشار سبحانه في هذه الشريفة إلى أن عيسى مخلوق مثلكم لا أنّه معبود ، ونحن خلقناه خلقة غريبة من غير أب بحيث صار مثلا لأولاد يعقوب حتى شرّفناه بمنصب الرسالة وجعلناه آية للنّاس يعرفون بها قدرة الله ويشبّهون به ما يرون من أعاجيب صنع الله. وهذا معنى قوله تعالى (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) وقيل في تفسيرها وجه آخر وهو أن المشركين ضربوا بابن مريم مثلا. بيان ذلك أنّه لمّا نزل (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) فقال المشركون أو ابن الزبعرى : إن النّصارى يعبدون عيسى وقد رضينا أن تكون آلهتنا معه. وإذا جاز أن يعبد عيسى فالملائكة أولى بذلك لأنه بشر والملائكة أشرف وهم أولى بذلك من البشر. ثم إنه سبحانه تنبيها على قدرته الكاملة وترهيبا للبشر قال :
٦٠ ـ (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) ... أي لو اقتضت الحكمة والمصلحة لأهلكناكم لنجعل بدلا منكم في الأرض ملائكة يخلفونكم ، يعني يقومون مقامكم. والحاصل أنّ خلق عيسى (ع) ولو كان عجيبا عندكم لكنّنا نقدر على أعجب من هذا من إهلاك جميع البشر وإفنائهم عن وجه الأرض وإبدال الملائكة منكم ، إمّا بإنزالهم من السّماء أو بإيلادهم منكم ، أو بابدالكم بهم ، أو بإيجادهم في الأرض خلق السّاعة ، وكلّها عند قدرتنا على السّواء ، والأمر سهل علينا لأننا إذا أردنا أن نقول لشيء كن فيكون قبل أن يرتدّ إليكم طرفكم ، أي بمجرّد إرادة الإيجاد. وبعبارة أخرى بمحض الإرادة يكون المراد موجودا في عالم الخارج ، والتقدّم بين الإرادة والمراد رتبيّ لا زمانيّ ، فلا فصل بينهما أبدا ، وهذه قدرة لا