المتّقون. والله تعالى يحكي لنبيّه (ص) تلك المناداة التي فيها غاية التلذّذ والسّرور لأهلها (وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) أيّها المتحابّون في الله في الدّنيا من (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) الموصول في محلّ النّصب على البدل من (عِبادِ) لأنه منادى مضاف. أو هو صفة له. ثم بيّن ما يقال لهم بقوله سبحانه (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ) أي نساؤكم المؤمنات (تُحْبَرُونَ) أي تسرّون سرورا يبدو في وجوهكم حبوره وأثره. وفي القمّي : تحبرون أي تكرمون.
٧١ ـ (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ) ... جمع صحفة ، أي القصعة (وَأَكْوابٍ) جمع كوب. كوز لا عروة له. أي أن الحور العين والغلمان لا يزالون يدورون على الأصدقاء في الله وبأيديهم صواع الذّهب والأكواب المملوءة من ماء الكوثر يسقون بها المتحابين والأصدقاء في الله وأيضا يحملون معهم قصاعا من الذهب فيها ألوان من الأطعمة واكتفى سبحانه بذكر القصاع والكيزان عن ذكر الطعام والشراب. (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) أي ما تميل النفوس إليها من أنواع النّعم من المأكول والمشروب والملبوس والمشموم وما تلتذّ الأعين بالنظر إليه والتذاذ الأعين هو التذاذ الإنسان حيث إن التذاذها سبب لالتذاذه. ولا يخفى أنّه سبحانه تظهر فصاحة التعبير عن نعم الجنّة في كتابه الكريم غاية الفصاحة في مقام وصف الجنة من حيث جامعيّتها لأنواع النعم بحيث لو اجتمعت الجن والإنس على أن يأتوا بمثل ما انتظمه هاتان الصّفتان لم يقدروا على الإتيان بمثله (وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) وهذه صفة أخرى من أوصافها المهمّة ، ولذا فإنّه تعالى بشّر أهل الجنة بها ، ثم لمّا كان كلّ نعيم زائلا وموجبا لكلفة الحفظ وخوف الزّوال ومستعقبا للتحسّر في ثاني الحال ، فلا قيمة لمثل هذه النعمة الدّنيويّة ، بخلاف النّعم الدائمة الأخرويّة فإنها مبرّأة من ذلك كلّه ونذكر رواية تيّمنا في المقام عن الحجة سلام الله تعالى عليه وعلى آبائه