تفاجئ أعداءها بالغارات صباحا فخرج الكلام على عادتهم. هذا ، ولأن الله تعالى أجرى العادة بتعذيب الأمم وقت الصّباح كما قال (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) لأن وقت الصباح وقت الاستراحة وفراغ البال وغير مترقّب فيه هجوم الأعداء ونزول البلاء ، فالعذاب في هذا الوقت أصعب وأشدّ على الإنسان كما هو المشاهد بالوجدان ولا يحتاج إلى البرهان.
١٧٨ و ١٧٩ ـ (وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ...) كرّر الآيتين تأكيدا لتسلية النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولتهديد قومه. أو أن الأولى لعذاب الدنيا مثل بدر والفتح وأشباههما كما فسّرت ، والثانية للآخرة ، وبناء على ذلك هذا الكلام تأسيس لا أنّه مفيد للتأكيد. ثم نزّه سبحانه ذاته المقدّسة عن وصفهم وبهتانهم بقوله :
١٨٠ إلى ١٨٢ ـ (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ ...) أي منزّه ربّك الذي هو ذو قوّة وغلبة ، (عَمَّا يَصِفُونَ) عمّا يقوله المشركون من اتّخاذ الأولاد والشريك (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) المبلّغين عن الله دينه ليهدوا الناس (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على ما أفاض عليهم وعلى من اتّبعهم من النّعم وحسن العاقبة. وفيه تعليم المؤمنين للحمد والتّسليم. وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليهالسلام : من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقل إذا أراد أن يقوم من مجلسه : سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.