أولى لأنه يفيض على جميع الموجودات ما تحتاج إليه بلا نظر إلى أدنى شيء منها ، وإن طلب ذلك من العباد وأمرهم بشيء فهو لطف منه تعالى بهم حيث إنه يكون لصلاحهم فنفعه عائد إليهم وإلّا فهو سبحانه غنيّ عن العالمين ، وهم بأجمعهم محتاجون إليه سبحانه (نِعْمَ الْعَبْدُ) أي سليمان (إِنَّهُ أَوَّابٌ) أي رجّاع إليه سبحانه في ما يرضيه من التوبة والذكر. فيا محمد أذكره في قصّته. ويحتمل أن يكون (نِعْمَ الْعَبْدُ) وما بعده صفة لداود عليهالسلام والله أعلم.
٣١ و ٣٢ ـ (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ ...) أي وقت العصر إلى آخر النهار ، أو المراد به بعد الظهر ، أو أوّل الظّلام أو آخر النهار ، وقيل من المغرب إلى العتمة ، ولعل هذا هو الأظهر. ثم إن سليمان عليهالسلام كان يحبّ الخيل حبّا شديدا بحيث يحبّ النظر إليها ولذا يقعد ويأمر بعرضها عليه. وكان يوما من الأيام قد أمر بإخراجها وعرضها عليه واشتغل بالنظر إليها حتى غابت الشمس ، فلمّا أفلت التفت إلى أنه فاتته وظيفة من وظائفه اليومية ، فتغير حاله وقال في نفسه لا ينبغي أن يقتني الإنسان ما يشغله عن ذكر ربّه ولا بدّ من أن تنحصر علاقة العبد بمولاه ، فأمر بضرب أعناقها كما حكى الله تعالى قصّته لنبيّه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ) ، إلى قوله : (فَطَفِقَ مَسْحاً) ... إلخ وقوله (إِذْ عُرِضَ) متعلّق بالأمر المقدّر ، أي اذكر يا محمد قصة سليمان. وقوله (الصَّافِناتُ) جمع الصافنة وهي صفة للفرس ، أي الذي يقوم على ثلاثة قوائم ويرفع احدى الأربع ويقف على طرف حافرها كما يشاهد في الأفراس. والجياد جمع جواد وهو السريع في الجري ، وقيل جمع جيّد. وقال الكلبيّ : إن هذه الأفراس ، كانت ألفا حصلت لسليمان أثناء غزواته مع الدّمشقيين والنّصيبيين ، ولكن يقول مقاتل : إن داود (ع) قاتل العمالقة وتغلّب عليهم وأخذ منهم ألف فرس ، فهذه تراث داود