الشَّياطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (٦٧) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤))
٦٢ ـ (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ...) أي هل ما ذكر من الرّزق المعلوم وسائر النّعم خير نزلا؟ والنّزل ما يعدّ ويهيّأ للضّيف بل لكلّ نازل من المكان والغذاء وسائر التشريفات ممّا يتقوّت به وغيره. فهل نزل أهل الجنّة خير أم نزل أهل النّار وهو الزقّوم مع أنّه لا خير فيه؟ وإنّما قال (خَيْرٌ) على وجه المقابلة. ومن هذا القبيل من التّعابير كثير كقوله (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) قال أبو السّعود في تفسيره : الزقّوم شجرة صغيرة الورق زفرة كريهة الرائحة مرّة غاية المرارة ولا شبهة في كون ما في الجحيم أنتن وأمرّ بمراتب من كلّ ما يتصوّر. ولأهل جهنّم وراء هذا أنواع من العذاب وأصناف من العقاب لا تخطر بخواطر أحد. وشجر الزقوم موجود بتهامة. ولما سمع كفّار مكة أن شجر الزقوم ينبت في البرزخ تعجّبوا وقالوا إنّ نار جهنّم تذيب الحديد على زعم محمد وتابعيه من شدّة حرّها فكيف ينبت فيها شجرة الزقّوم ولا تحرقها؟ فمن هذا الخيال الفاسد استنتجوا بأن قول محمد هذا كذب وكذا سائر أقواله فقال تعالى ردّا عليهم :