استحقاق هذه الأصنام للعبادة من دون خالقها وخالق الكون جميعا؟ والحاصل أن الله سبحانه يقول لنبيّه صلىاللهعليهوآله : حاججهم بهذا الحجاج ببنوده الثلاثة ، أو بواحد منها ، وهي التي مرّت وأوّلها الدليل العقلي من جهة خلقه سبحانه لكل شيء وعدم شراكة أحد في ذلك ، والثاني الكتاب ، والثالث العلامة المتواترة الموجبة لليقين كشيء من بقية علمهم أو علم الأوّلين من الأنبياء وأممهم ، فهاتوه (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم بأنها شركاء لله في إيجاد المكوّنات. وهذه إلزام لعدم وجود ما يدلّ على استحقاق الأوثان لمقام الألوهيّة من الأدلة النقليّة بعد إلزامهم بعدم المقتضي لألوهيّتهم من الحجج العقليّة ، فإن جميع البراهين العقلية متفقة على التوحيد وبطلان الشّرك وفساده. وبالجملة إنه تعالى أثبت بطلان دعواهم بتلك الحجج وعلّمها لنبيّه حتى يحتجّ عليهم ويبطل مدّعاهم.
٥ ـ (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ...) الاستفهام في مقام الإنكار أي أنه لا يكون أحد أضلّ من المشركين وأبعد عن طريق العقل والرّشد منهم (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) يعني أن المشرك لو بقي في الدنيا إلى أن تقوم القيامة وهو يدعو في جميع تلك المدّة لمعبوده من الأصنام لما أجابته ولا تغيثه إذا استغاث بها ، ولا تقدر أن تقضي حاجة من حوائجه (وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ) أي أن الأوثان عن دعوة دعاتهم غافلون جاهلون ، لعدم شعورهم وإحساسهم بالدّعاة حيث إنّها جماد فلا حسّ له ولا يترقّب منه الإحساس والإدراك ، ومثله يكون العابد له ، والفرق أن عابد الصنم فيه حياة وليس للصنم حياة ، وكلاهما فاقدان للشعور والإدراك ولهم قلوب لا يفقهون بها كمن لا قلب له ، لأن صاحب القلب الذي لا يفقه شيئا هو كالجماد. وإنما كنّى عن الأصنام بالواو والنّون لمّا أضاف إليها ما يكون من العقلاء لأن المعبودين دونه تعالى كثيرون من الكواكب والأشجار والإنسان والملائكة ، فمن باب الغلبة جيء بالواو