كلّهم والعبادة منحصرة به تعالى لا معبود فيها سواه (وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) اي المستحق للعبادة في الأرض للإنس والجن هو سبحانه لا غيره ، حيث إن الألوهيّة والربوبية في العوالم العلويّة والسّفليّة لا تنبغي إلّا له عزوجل باعتراف جميع البشر الإلهيّين في قبال الطبيعيّين كما يجيء اعترافهم بذلك في ما بعد قريبا (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في صنعه وتدبيره لأمور عباده (الْعَلِيمُ) بمصالح خلقه بل بكلّ شيء تعاظم.
٨٥ ـ (وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ) ... أي تعاظم وتكبّر من له السّلطة على السّماوات وله التصرّف كيف يشاء فيها (وَ) في (الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) أي الرّجعة أو علم يوم القيامة (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) أي عاقبة أمرنا هي الرجوع إليه فيجازي كلّا بعمله. وقرئ بالتّاء وبناء على قراءة التّاء يكون الانتقال إلى الخطاب للتّهديد.
٨٦ ـ (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ) ... أي الذين يعبدهم المشركون بدلا عن الله سبحانه لا ترجى الشفاعة منهم وليس لهم أن يشفعوا لعبدتهم لأن أمر الشفاعة بيده تعالى ولا يأذن للشفاعة (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) والمراد (مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) هم عيسى وعزيز والملائكة استثناهم سبحانه ممّن عبد من دون الله فإن لهم منزلة الشفاعة ولكنّهم لا يشفعون إلّا لأهل التوحيد. والمراد (بِالْحَقِ) هو التوحيد و (هُمْ يَعْلَمُونَ) أي ما شهدوا به. والحاصل إن هؤلاء الثلاثة لمّا كانوا من أهل التوحيد فلا يشفعون إلّا لأهل التّوحيد.
٨٧ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ) ... أي إذ سألت المشركين من خالقهم (لَيَقُولُنَّ اللهُ) أي يعترفون بأن الله هو خالقهم لوضوحه بحيث لا يقدرون على الإنكار ، وهم مقرّون بأن آلهتهم لا تقدر على الخلق والإيجاد لتعذّر المكابرة فيه من فرط الظهور ، فإذا كان الأمر هكذا فقل لهم : (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي فكيف يصرفون ويعرضون عن عبادته إلى