يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٢٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٦))
٢٤ ـ (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا ...) أي التي نحن فيها (نَمُوتُ وَنَحْيا) أي نموت نحن ويحيا آخرون فعادة الطبيعة جرت على هذا أو عادة الله جارية على ذلك على قول من ليس بطبيعيّ ولكنّه منكر للبعث والحشر. وهذا اشدّ أنواع الكفر بعد إنكار الصانع وقد وجد في هذا العصر من يدين بهذا الدّين ويدعو لهذا المذهب فلهم الويل يوم يقال لهم : اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين. والحاصل أن الآية نزلت في الدهريّة لا في المنكرين للبعث فقط بقرينة بيانه سبحانه لمقالتهم (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) أي مرور الزّمان فضمّوا إلى إنكار المعاد إنكار المبدأ. أو بعبارة أخرى : المقصود من قولهم (وَقالُوا ما هِيَ) ، إلى قولهم : (إِلَّا الدَّهْرُ) أنّ تولّد الأشخاص إنما كان بسبب حركات الأفلاك الموجبة لامتزاجات الطبائع ، وإذا وقعت تلك الامتزاجات على وجه خاصّ وتولّدت الحرارة حصلت الحياة ، وإذا حصلت على وجه آخر ضدّ ذلك الوجه حصل الممات ، فالحياة والموت ليسا إلّا بتأثيرات الطبائع ، وهذا هو المراد بقولهم : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) فقال سبحانه في مقام ردّ مقالتهم : (وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) أي لا علم لهم بمقالتهم حيث لا دليل لهم ولا برهان وإن هم إلّا يخرصون وهذا قول بلا برهان فقال سبحانه (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) فإنّ حجتهم لا يحصل منها على ما بينّا إلّا الظن ، والظنّ لا يغني من الحق شيئا. وقال القمّي : فهذا ظنّ