لأنّ أيديهم لما غلّت إلى أعناقهم ورفعت الأغلال إلى أذقانهم صارت رؤوسهم مرفوعة قهرا برفع الأغلال لها فلا يستطيعون تحريكها لضيق الغلّ وتحكمه عند أذقانهم.
٩ ـ (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا ... فَأَغْشَيْناهُمْ) ... أي غطّيناهم. وروى القمّي أن الباقر عليهالسلام يقول : فأعميناهم (فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) الهدى. وفي الكافي عن الصّادق عليهالسلام قال : هذا في الدّنيا ، وفي الآخرة في نار جهنم مقمحون.
١٠ و ١١ ـ (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ... فهؤلاء المذكورون في الآيات السابقة لا تفيد معهم الذكرى ولا ينفعهم الإنذار لأنهم لا يؤمنون بقولك لفرط عنادهم وكفرهم. وأنت (إِنَّما تُنْذِرُ) تخوّف (مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) تابع هذا القرآن واستمع لمقالته واتّعظ بمواعظه ، وفي الكافي أن القول يعني أمير المؤمنين عليهالسلام (وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) أي صدّق بما غاب عنه من الأمور الأخروية. فهذا الذي يكون بهذه الصفة المذكورة (فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) أي جزاء عظيم وعفو عن ذنوبه.
١٢ ـ (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى) ... هذه ردّ على منكري البعث ولذا أكّده بقوله (إِنَّا) وبالضمير (نَحْنُ وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا) أي نحصي ما قدّموا وأسلفوا من الأعمال الصّالحة والأفعال الطالحة ، وكذلك نكتب ما أخّروا. وهذه الجملة ما ذكرها واكتفى بذكر الأولى مثل قوله (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) والمراد (البرد) أيضا لأن ذكر الأولى يدل على الثانية (وَآثارَهُمْ) اي ما يقتدى بهم فيه من بعدهم من حسنة وسيّئة. وقيل ونكتب خطاهم إلى المسجد. وجهة ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري من أن بني سلمة كانوا في ناحية من المدينة فشكوا إلى رسول الله صلّى الله عليه