لأولاده بالخير والصلاح والتوفيق (إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ) أي رجعت إليك عن كل شيء لا ترضى بصدوره من عبادك ، بل عما تكره وعمّا يشغلني عنك ، وندمت عليه (وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أي المنقادين لأمرك ونهيك بلا اعتراض لي عليك. وفي هذا الدّعاء نحو تصريح بأن القوّة النفسانيّة العقليّة تستكمل في هذا الزّمان من العمر أي الأربعين.
١٦ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ ...) أي أهل هذا القول الذي بيّناه في الآيات السابقة يثابون على طاعتهم ، ونتقبّل إيجاب الثواب ل (أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) وهو ما يستحقّ العبد به الثواب من الواجبات والمندوبات ، فالأحسن في مقابل المباح فإن المباح من قبيل الحسن لكنه لا يوصف بما في قوله (يتقبل ويتجاوز) لأن الوصفين لما فيه مزيّة الحسن لا لمطلق ما فيه الحسن. ولذا لا يترتّب على المباح ثواب ولا جزاء آخر وقرئ بالنون وبالياء فيهما (وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) أي يعفو ويصفح عن السيّئات التي اقترفوها ، ويجعلهم (فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) أي حال كونهم يعدّون من مع الذين يتجاوز عن سيئاتهم ويحسبون في عداد أهل الجنّة والظرف في موضع النّصب على الحال (وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) أي وعدهم الله في الدنيا بلسان أنبيائه وعدا صدقا غير مكذوب ، والوعد الذي وعدهم الله هو قوله تعالى (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)
* * *
(وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما