١٤٢ ـ (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ...) أي ابتلعه. وقيل إن الله أوحى إلى الحوت : إنّي لم اجعل عبدي رزقا لك ، ولكنّي جعلت بطنك مسجدا له فلا تكسرنّ له عظما ، ولا تخدش له جلدا. وهذا القول على فرض صحّته لا بدّ من التأويل بأن الوحي إلى أعضاء الحوت المجهّزة كل واحد منها للأعمال الخاصة كجهاز الهضم (وهي المعدة وجهاز التفرقة والتبديل والتصفية من الأمعاء وغيرها) والوحي إليها عبارة عن توقيفها عن أعمالها الخاصة. وإلّا فلا معنى للوحي إلى الحوت بما ذكر ، والنهي عمّا ذكر ، فإن أعمال القوى المجهزة في بدن الحيوان للوظائف الخاصة المقررة ليس تحت قدرة الحيوان واختياره حتى يؤمر بعدم هضم شيء وبابقائه في البطن سالما صحيحا ، فإن الأعضاء كلّ منها يعمل على طبق وظيفته التي خلق لها قهرا وبلا اختيار لصاحبها كما هو المشاهد بالوجدان في بدن الإنسان ، فكذلك غيره (وَهُوَ مُلِيمٌ) أعني مستحقّا للّوم ، (لوم العتاب) لأنه ترك الأولى والنّدب ، أي الإجازة من سيّده الحقيقي (لا لوم العقاب) أو معناه أنه عليهالسلام لام نفسه بأنّه لم ترك الاستجازة من مولاه؟ ومن جوّز الصّغيرة على الأنبياء قال قد وقع منه صغيرة مكفّرة. والحوت بالمقدار الممكن الذي كان تحت قدرته كان يحفظه ويحرسه ويرعاه بإلهام ربّه فيخرج رأسه من الماء مدّة حتى يتنفس يونس ويستنشق الهواء الموافق لمزاجه ولا يأكل إلّا الطيّبات ممّا في البحر ونحو ذلك مما هو موافق للمزاج البشري. واختلف في مدة لبثه في بطن الحوت ، بين ثلاثة أيام وسبعة وعشرين وأربعين يوما وهو تعالى أعلم.
١٤٣ و ١٤٤ ـ (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ...) أي الذاكرين لله تعالى بالتسبيح أو غيره. ولعلّ المراد أنّه كان يقول في بطن الحوت (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)) فلو لا ذلك (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي ليوم الحشر الأكبر ، ولبث : بقي.