مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤) الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥))
٢٨ ـ (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ...) كان ابن خال فرعون أو ابن عمّه. وقال القمّي : بقي يكتم إيمانه ستّمائة سنة. وفي المجمع عن الصادق عليهالسلام : التقيّة ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقيّة له. والتقية ترس الله في الأرض لأن مؤمن آل فرعون لو أظهر الإسلام لقتل. وفي المجالس عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : الصدّيقون ثلاثة ، وعدّ منهم حزقيل مؤمن آل فرعون رضوان الله عليه وقد كان يكتم إيمانه تقيّه من فرعون ، وكان فرعون يعظّمه ويحترمه لأنه كان رجلا محنّكا عاقلا فطنا ذكيّا ذا بصيرة ومعرفة ، ولذا جاء وخاطبهم ولم يخف أحدا ، وسمع كلامه فرعون ورتّب الأثر عليه وانصرف عن القتل واتعظ بمواعظه المفيدة الكافية الوافية إذ قال : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) أي لأنه يقول ذلك؟ (وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي المعجزات الواضحات (مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) لا يتعدّاه ضرره إلى أحد بل إليه يرجع لو كان فيه ضرر فلا حاجة إلى قتله. هذا الاحتجاج من باب الاحتياط وإلّا فإنه حينما قال (وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ) وأضاف الربّ إليهم بعد ذكر البيّنات احتجاجا عليهم واستدراجا لهم إلى الاعتراف به ، فقد أتمّ الحجة عليهم (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) أي لا أقل من أن يصيبكم بعضه وفيه هلاككم أو عذاب الدّنيا فإنه بعض ما يعدكم. وفيه