في أبي جهل. وعلى هذا فالمورد خاصّ لكن المعنى عامّ لا يختصّ به دون غيره من العصاة العتاة. وثمرها (كَالْمُهْلِ) وهو المذاب من نحاس ونحوه أو هو درديّ الزّيت. وقال القمّي : المهل الصّفر المذاب (يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) قال القمّي : وهو الذي قد حمي وبلغ المنتهى. وقيل الحميم الماء الشديد الحرارة.
٤٧ ـ (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) ... أي يقال للزّبانيّة خذوا الأثيم وجرّوه بعنف وشدّة وغلظة ، والعتل هو الأخذ بمجامع الشيء والجرّ بقهر إلى (سَواءِ الْجَحِيمِ) أي إلى وسطه. وقال القمي : أي فاضغطوه من كلّ جانب ثم انزلوا به إلى سواء الجحيم.
٤٨ و ٤٩ ـ (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) ... إضافة العذاب بيانيّة. أي عذاب هو الحميم يصبّ عليه من فوق رأسه ثم يقول له الخزنة تقريعا وتهكّما (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) أي صاحب الكرامة بزعمك. وكان يقول أبو جهل لعنه الله لرسول الله صلىاللهعليهوآله : ليس بين جبلي مكة أعزّ وأكرم مني فوالله ما تستطيع أنت ولا ربّك أن تفعلا بي شيئا ، وأنا اعزّ أهل الوادي. فيقول له الملك الموكّل بعذابه (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) استهزاء به وذلك لأن أبا جهل كان يقول أنا العزيز الكريم فيعيّره بذلك في النار.
٥٠ ـ (إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) ... أي هذا العذاب هو ما كنتم به تشكّون وتمارون فيه. ثم إنه سبحانه بعد شرح أحوال أهل الكفر والنفاق شرع في بيان ما أعدّ للمتّقين بقوله :
* * *
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ