إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (٥٩))
٥٣ ـ (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ...) أي أفرطوا في الجناية عليها بإقرارهم (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) لا تيأسوا من المغفرة والعفو (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وهذه أرجى آية في كتاب الله سبحانه من جهات : الأولى أنه في مقام التخاطب قال (يا عِبادِيَ) وهذه الكلمة تضمّنت لطف الخطاب وما قال (يا أيها العصاة) التي تشعر بالقهر والغضب والثانية آثر كلمة (أَسْرَفُوا) على (أخطئوا) حيث إن الأولى تحتوي الرّفق والمداراة دون الثانية ، والثالثة النهي عن القنوط ، وهو صريح في حرمة اليأس من المغفرة ، وحرمتها تستلزم تأكيد رجاء مغفرته سبحانه ، والرابع استيعاب المغفرة بقوله (جَمِيعاً) وما اختصّها ببعض الذنوب دون بعض. نعم استثنى من الكبائر التي لا يغفرها الشّرك ، والخامس تأكيد المغفرة بقوله (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وتحتوي هذه الجملة على أربعة تأكيدات ، ورابعها هو صيغة فعيل الدّالة بالملازمة على كثرة المغفرة كما لا يخفى على أهله ،