٦٣ و ٦٤ ـ (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ) ... أي الآيات البيّنة نحو شفاء الأبرص والأكمه وإحياء الموتى وغيرها من الآيات الكثيرة الواضحة (قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ) أي بالرّسالة أو بالعلم وبالتوحيد والعدل والشرائع ، أو بكتاب فيه الحكم وما تحتاجون إليه وهو الإنجيل (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) أي من أمر الدّين والدنيا ، وقد جئت لأبينّ لكم الحقّ ولأرفع ما تختلفون فيه وأزيله عنكم. وبعبارة اخرى جئت لإصلاح ذات بينكم حتى تكونوا أمة واحدة فلا تتحزّبوا بعدي (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ، إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) فاتّقوا الله أي اجتنبوا معصيته في أوامره ونواهيه وأطيعوني فيما أدعوكم إليه واعلموا أنه لا ربّ لكم إلّا الله الذي تحقّ له العبادة فاعبدوه عبادة خالصة له ، ولا تشركوا به (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) أي أن تقوى الله وإطاعتي هو الدّين القيّم والطريق الموصل إلى الحقّ والحقيقة ، وخلافه هو الضّلالة لأنه يفضي بكم إلى النّار.
٦٥ ـ (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) ... أي بعد تلك المقالات التي ألقاها عيسى عليهالسلام من قوله قد جئتكم بالحكمة ولأبيّن لكم بعض الذي تختلفون فيه من بعدي ، وبيّنه بقوله (فَاتَّقُوا اللهَ) إلى قوله (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) يفضي بكم إلى الجنّة وغيره يوصلكم إلى النار ، ومع ذلك كلّه تحزّبوا إلى فرق مختلفة : اليهوديّة والنصرانيّة ، والنصارى صاروا فرقا فرقة قالوا بأن عيسى هو الله ، وأخرى قالوا بأنّه ابن الله ، وطائفة قالوا بأقانيم ثلاثة ، وهو ثالث ثلاثة ، وهذا الاختلاف نشأ من اختلاف الأحبار والرهبان وهم الرؤساء الآمرون (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) أي المتحزّبين (مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) أي القيامة. والأليم وصف ليوم باعتبار متعلّقه. وفي قوله (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) وضع مظهر في موضع مضمر للتّصريح بمنشإ العذاب وعلّته ومبالغة في وعيد الأحزاب. ثم إنه سبحانه لوعيدهم زيادة على السابق وللمبالغة في التهديد يقول :