عظيم عند الله تعالى فلذا جعله كليما له وهذا من خصائصه عليهالسلام فقد كان عزيزا ومرضيّا عند قومه بني إسرائيل ، وكان أجودهم عطاء وأحسنهم خلقا وخلقا ولذا وصفه سبحانه بوصف جامع لما ذكرناه. وكان من الأنبياء الذين آذتهم أمّتهم كثيرا ، ولذا فإنه تعالى يسلّي نبيّه صلىاللهعليهوآله به عليهالسلام وكانت أمّته لجوجة عنودة جهولة شبيهة بقريش ، فمن هذه النّاحية أيضا كان بين نبيّنا وبين موسى تناسب. والحاصل جاءهم موسى وقال لفرعون وحشمه لا بدّ أن تؤدّوا إليّ بني إسرائيل.
١٨ ـ (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) ... أي أطلقوا بني إسرائيل من العذاب والتّسخير فإنهم أحرار فلا. تعاملوهم معاملة العبيد. وكان بنو إسرائيل حين طلوع موسى على فرعون محبوسين وكان حبس فرعون مهولا مخوفا بالعذابات الشديدة التي أوقعوها على المحبوسين فيها ولذا أوّل ما طلبه موسى من فرعون كان إطلاق بني إسرائيل الذين كانوا ممّن يعبد الله ، في قبال القبطيين فإنهم كانوا عبدة فرعون. ولذا عبّر عنهم كليم الله بعباد الله (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) أي غير متّهم بكذب في القول على ما أدّعيه من الرّسالة ولا بخيانة في أموالكم التي أودعتموها عندي. ويستشعر من الشريفة أن موسى عليهالسلام كان عند النّاس معروفا بالأمانة حتى عند القبطيّين. وقوله : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) من باب التذكير وإلّا كانت هذه دعوى بلا بيّنة وبرهان فلا تقبل. وبالجملة كان من هذه الجهة مماثلا لنبيّنا صلىاللهعليهوآله فانّ نبيّنا من بدء أمره كان معروفا بمحمد الأمين حتى أعاديه كانوا لا ينكرون أمانته وأذعنوا لها.
١٩ ـ (وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ) ... أي لا تتكبّروا ولا تتجبّروا عليه بترك طاعته وكفران نعمه وافتراء الكذب عليه (إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي بحجّة واضحة يظهر الحق معها ، أو بمعجز ظاهر تبين به صحّة نبوّتي وصدق مقالتي فلما قال ذلك توعّدوه بالقتل والرّجم فقال :