(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩))
٣٦ ـ (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ) ... العشو أصله النظر ببصر ضعيف ، يقال عشا يعشو عشوا إذا ضعف بصره وأظلمت عينه كأنّ عليها غشاوة. أي من يعرض ويتعامى عن القرآن أو الآيات والحجج بناء على إنّ المراد بالذّكر هو هذه شبّههم بالأعشى ، حيث لم يبصروا الحقّ والقرآن. فمن يكن كذلك (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) أي نسلّط عليه شيطانا فهو يصاحبه ويغويه ويدعوه إلى الضّلالة فيصير هو قرينه بدلا عن ذكر الله والدّعوة إلى الهداية. وروي أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره أخذ شيطانه بيده فلم يفارقه حتى يصيّرهما الله إلى النّار. والظاهر إن هذا هو شيطانه الذي كان في الدنيا قرينه ويغويه ويدعوه الى الضلال. وفي الخصال عن أمير المؤمنين عليهالسلام : من تصدّى بالإثم أعشي عن ذكر الله تعالى ، ومن ترك الأخذ عمّن أمره الله بطاعته قيّض له شيطان فهو له قرين.
٣٧ ـ (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) ... أي أن الشياطين ليصرفون أهل العشوّ عن طريق الحقّ والحقيقة وعن دين الله القويم ويمنعونهم عن صراطه المستقيم (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) أي العاشون يحسبون أنّهم على الحق. ولمّا كان العاشي والشيطان في المقام اسم جنس فلذا يجوز في