مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩))
٧ ـ (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ ...) كأنّ هذه الشريفة في مقام دفع دخل مقدّر ، بيانه أن قريش لعلهم كانوا يزعمون أنهم إذا لم يؤمنوا فلا يطاع الرّسول ولا يعبد الله. وهذا يصير نقصا في ناحية الله تعالى ، ونبذا لدينه. فأراد سبحانه أن يفهمهم اني لا أحتاج إلى عبادة أحد ولا إلى عمل عامل ، وكلّ من أطاعني فيرجع نفعه إليه مضافا إلى أن مطيعيّ وعابديّ ومسبّحيّ وحامديّ متجاوزون حدّ الإحصاء والعدّ ، منهم (الَّذِينَ) ، الآية والحاملون لعرش العظمة هم ثمانية من الملائكة المقرّبين (وَمَنْ حَوْلَهُ) من الكروبيّين (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي يذكرون الله بمجامع الثناء من صفات الجلال والإكرام. وكلمة (بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) حال من ضمير (يُسَبِّحُونَ) أي متلبّسين بحمد ربّهم (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) يصدّقون ويعترفون بربوبيّته ووحدانيّته (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) فإذا كان حملة العرش والكروبيّون يسبّحون الله ويقدّسونه ويؤمنون به مع عظمتهم وكثرتهم ، فجدال أهل الشّرك وعدم إيمانهم وترك عبادتهم مع كونهم أخسّ المخلوقات وأرذلها وأدناها لا يبالي به ولا يقام له وزن ولا قيمة (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) هذه الجملة حال من فاعل (يَسْتَغْفِرُونَ) أي قائلين (ربنا) إلخ فمحلّها نصب. وقدّمت الرحمة لأنها الغرض الأصلي هنا. وحاصل المعنى : أنّه لمّا كانت رحمتك واسعة بحيث تشمل الأشياء طرّا ، وعلمك محيطا بكلّ شيء ، فلازمهما والتفريع عليهما أن يدعو الملائكة بقولهم (فَاغْفِرْ) .. وهذا مقتضى سعة الرّحمة (لِلَّذِينَ تابُوا) أي إذا علمت منهم التوبة لأنها أمر باطنيّ لا يعلمها إلا