الدنيا (فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ) أي لا يقدرون على ذهاب ولا مجيء ، وقيل يعني تصيبهم العاهة الّتي تعطّل القوى بحيث لا يقدر الإنسان على الحركة ؛ والكريمتان تهديد من الله سبحانه للكفرة ، والمكان والمكانة واحد. ثم بعد بيان قدرته على الطمس والمسخ ذكر تنبيها لضرب آخر من القدرة الكاملة فقال عزوجل :
٦٨ ـ (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ ...) أي من نجعله ذا عمر طويل (نُنَكِّسْهُ) نردّه إلى ما خرج منه من انتقاص بنيته وضعف قوّته الظاهريّة والباطنيّة كما كان عليه بدء أمره وزمن طفوليّته إلى أوان شبابه ورشده وكمال قواه وتزايدها التام الى أن بلغ حدّ الهرم فيردّ إلى حالة الصّباوة (أَفَلا يَعْقِلُونَ) أن من قدر على ذلك فهو قادر على الطّمس والمسخ فانه مشتمل عليهما وزيادة ، أو قادر على البعث والحشر. وقيل إن القرآن لمّا نزل وقرئ على أهل مكة ورأوا أنه على أسلوب غريب وتركيب بديع ونظم عجيب قالوا : إنّ محمدا شاعر ، فردّ هو تعالى عليهم ونزّهه ممّا قالوا فيه بقوله :
* * *
(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (٧٠))
٦٩ و ٧٠ ـ (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ ...) يعني أنّه أمّي ، فلو كان شاعرا لا بدّ له من معلم يعلّمه أوزان الشعر وبحوره وعروضه التي هي معروفة ومتعارفة بين الشعراء. ولو كان له معلم فهو ليس غيرنا ، ونحن ما علّمناه